(تَكُنْ مُتَّبِعَا) أفهم كلامه يعني: أشار بكلامه السابق من جهة الفهم، أفهم كلامه منع مجيء النفس والعين مؤكَّداً بهما غير الواحد وهو المثنى والمجموع غير مجموعين على أفعُل، وهو كذلك في المجموع.

وأما المثنى فيجوز فيه أيضاً مع الجمع الإفراد والتثنية، فيه ثلاث لغات، لكن الأفصح هو الجمع، ولذلك قلنا: اجْمَعْهُمَا مستعمل في الوجوب باعتبار الجمع، وفي الأولوية الأفصح الأولى في المثنى، ويجوز التثنية والإفراد، وأما المثنى فيجوز فيه أيضاً مع الجمع الإفراد والتثنية، فيجوز نفساهما.

بل كل مثنى في المعنى مضاف إلى متضمنه يجوز فيه الجمع والإفراد والتثنية، والمختار الجمع، ومنه قوله المشهور عند النحاة: ((فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا)) [التحريم:4] (قُلُوبُكُمَا): قلبا امرأتان فقط، (قُلُوبُكُمَا) جمع القلوب هنا لإضافتهما إلى ضمير تثنية، وهذا الأفصح، إذا أضيف إلى ضمير تثنية فالأفصح الجمع؛ لأنهما مضاف ومضاف إليه، فلو كان مثنى وهذا مثنى أضيف الشيء إلى نفسه، سيأتي.

((فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا)) [التحريم:4]، ويترجح الإفراد على التثنية عند ابن مالك -يمكن في غير هذا الكتاب-، يترجح الإفراد على التثنية عند ابن مالك، يعني يقال: جاء الزيدان الأفصح أنفسهما أعينهما بالجمع على وزن أفعل، هذا الأفصح، ويجوز جاء الزيدان نفسهما عينهما، مفرد مضاف إلى ضمير المثنى، وبعضهم ضعفها جاء الزيدان نفساهما، عيناهما بالتثنية، والإفراد أرجح من التثنية، والأرجح من الاثنين الجمع وهو الأفصح.

ويترجح الإفراد على التثنية عند ابن مالك، وعند غيره بالعكس، وكلاهما مسموع، لكن الأكثر المطرد قياساً الجمع على وزن أفعل.

قلنا: يترجح الإفراد على التثنية، فأما على التثنية –الإفراد- فلأن المتضايفين كالشيء الواحد، فكرهوا الجمع بين تثنيتهما، لماذا رجحنا نفسهما على نفساهما، مع أن الأصل المتبادر إلى الذهن أنه يثنى ليطابق المؤكَّد؟ قال: لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، فإذا قيل: نفسا مثنى، هما مثنى .. وهذا فيه كراهة، أن يضاف الشيء إلى نفسه، كل منهما مثنى. فكرهوا الجمع بين تثنيتهما -المضاف والمضاف إليه هما كالشيء الواحد-، وأما على الإفراد فلأن الاثنين جمع في المعنى. إذاً:

وَاجْمَعْهُمَا بِأَفْعُلٍ إِنْ تَبِعَا ... مَا لَيْسَ وَاحِداً تَكُنْ مُتَّبِعَا

إذا أُكِّد بالنفس والعين الجمعُ وجب الجمع على وزن أفعُل مضافاً إلى ضمير يعود على المؤكَّد وهو جمع، وإذا أُكد به المفرد فهذا مفهوم قوله: مَا لَيْسَ وَاحِداً أنه تجب المطابقة، بقي المثنى، قلنا: (وَاجْمَعْهُمَا بِأَفْعُلٍ إِنْ تَبِعَا مَا لَيْسَ وَاحِداً) دخل فيه المثنى، إذاً الأرجح في المثنى أن يجمع النفس والعين على وزن أفعل مضاف إلى ضمير المثنى، فيقال: جاء الزيدان أنفسهما وجاء الزيدان أعينهما هذا الأفصح، بعده لغة مسموعة كذلك لكنها ليست هي بالأشهر: أن يبقى على إفراده مضافاً إلى ضمير المثنى جاء الزيدان نفسهما، كما هي نفسهما، عينهما.

اللغة الثالثة: جاء الزيدان نفساهما بالتثنية، عيناهما بالتثنية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015