وَارْفَعْ أَوِ انْصِبْ إِنْ قَطَعْتَ مُضْمِرَا ... مُبْتَدأً أَوْ نَاصِباً لَنْ يَظْهَرَا
إذا قطعنا النعت فإما أن نقطعه إلى الرفع أو إلى النصب، ولا يجوز وجه ثالث، يعني تقول: مررت بزيدٍ الكريمِ هذا الأصل، هذا الإتباع، المراد بالإتباع أن يكون نعتاً لما سبق فيأخذ حكمه وهو الخفض في مثل هذا المثال، لك أن تقطعه، يعني: تفصله، يجعل جملة مستقلة ليس تابعاً لما سبق، هذا يسمى قطعاً، تقطعه إلى ماذا؟ إما الرفع وإما النصب، الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف: مررت بزيدٍ الكريمُ أي وهو الكريمُ، والنصب: مررت بزيدٍ الكريمَ أي: أعني الكريم، أو أمدح أو أذم .. إلى آخره، لا يأتي الذم هنا، أي: أعني الكريمَ، حينئذٍ يتعين هذان الإعرابان عند القطع في الرفع والنصب، ولا يجوز غيرهما، وأما باعتبار وجوب الإضمار وعدمه ففيه تفصيل.
(وَارْفَعْ) على أنه خبر لمبتدأ محذوف، وارفع يعني: إن قطعت النعت، ارفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف.
(أَوِ) هذا للتخيير، أنت المخير.
(انْصِبْ) على أنه مفعول به.
(إِنْ قَطَعْتَ) النعت عن التبعية أو النعوت أو بعضها، الحكم عام فيما سبق كلها، إن قطعت النعت إن كان واحداً، عن التبعية، أو النعوت كلها، أو بعضها، إن قطعت هذا شرط في جواز الوجهين، إن لم تقطع وجب الإتباع، إن لم تقطع يعني: لم تنو انفصال هذا النعت عن سابقه، حينئذٍ وجب الإتباع، لا يجوز أن ترفع أو تنصب إلا بنية القطع.
(إِنْ قَطَعْتَ) شرط في جواز الوجهين، وهذا قلنا مفعوله محذوف، يعني: قطعت النعت.
حال كونك (مُضْمِرَا) يعني: حاذفاً مقدراً (مُبْتَدأً أَوْ نَاصِباً) مبتدأ في حالة الرفع، لست مقدر المبتدأ الذي رفعته لا، الذي رفعته على أنه خبر، المبتدأ هو المضمر، هو المحذوف.
(أَوْ نَاصِباً) فعل وهو ناصب على الأصل في النصب، وهو أن يكون للأفعال.
(لَنْ يَظْهَرَا) الألف هذه تثنية فاعل، يعني لن يظهرا الذي هو المبتدأ والناصب، وهذا إذا كان النعت لمجرد مدح أو ذم أو ترحم وجب الإضمار، وأما إذا كان للتخصيص أو الإيضاح فيجوز فيه الوجهان: الذكر والحذف.
قال الشارح: إذا قطع النعت عن المنعوت رفع على إضمار مبتدأ أو نصب على إضمار فعل نحو: مررت بزيد الكريمُ أي هو الكريمُ أو الكريمَ يعني: أعني الكريم.
الحمدُ للهِ الحميدُ، ((وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ)) [المسد:4] [المسد:4] حمالةُ الجمهور على الرفع، وقرأ عاصم بالنصب حَمَّالَةَ يعني: أذم.
وقول المصنف (لَنْ يَظْهَرَا) معناه أنه يجب إضمار الرافع أو الناصب، وإنما وجب حذف العامل ليكون حذفه الملتزم أمارة على قصد إنشاء المدح أو الذم أو الترحم، ولا يجوز إظهاره وهذا صحيح إذا كان النعت لمدح أو ذم أو ترحم، كما ذكرناه في الأمثلة السابقة.
فأما إذا كان لتخصيص أو توضيح فلا يجب الإضمار بل يجوز الوجهان: مررت بزيد الخياطُ خبر لمبتدأ محذوف، مررت بزيد هو الخياط يجوز، هو ابن مالك الذي ذكره سابقاً، أو الخياطَ يعني: أعني الخياطَ. وإن شئت أظهرت فتقول: هو الخياطُ أو أعنى الخياطَ، والمراد بالرافع والناصب لفظة: هو أو أعني.