أو اقطع بعضها: متى؟ إذا تعين البعض دون البعض، يعني إذا كان يتميز .. في المثال السابق عندنا زيد شاعر وكاتب وليس عندنا فقيه، فحينئذٍ قلنا: بزيد الفقيه الشاعر الكاتب، نقول: الأول الذي هو الفقيه هذا يتعين؛ لأنه يحصل به التعيين، وما بعده يجوز فيه الوجهان، فتقول: مررت بزيد الفقيه بالنعت وجوباً، والثاني يجوز الشاعرُ الكاتبُ، الشاعرَ الكاتبَ على القطع، لماذا؟ لأن المنعوت غير مفتقر لهذين الوصفين، وأما الوصف الأول فهو مفتقر إليه، فإن لم يفتقر إليها كلها جاز فيها الوجهان القطع والإتباع، وإن افتقر إليها كلها فهو البيت الذي سبق، إن افتقر لبعضها دون بعض فما افتقر تعين الإتباع وما لا فيجوز فيه الوجهان.
(وَاقْطَعْ) الجميع (أَوَ اتْبِعْ) الجميع، أو أقطع البعض واتبع البعض، وهو ما أشار إليه بقوله: (أَوْ بَعْضَهَا اقْطَعْ) اقطع بعضها (اقْطَعْ) هذا فعل أمر، وبَعْضَهَا هذا مفعول مقدم.
(مُعْلِنَا) يعني مظهراً ذلك وهو تنكيت على من يقول: أن القطع لا يكون إلا بعد الإتباع.
قال الشارح هنا: إذا كان المنعوت متضحاً بدونها كلها جاز فيها جميعها الإتباع والقطع، وإن كان معيناً ببعضها دون بعض وجب فيما لا يتعين إلا به الإتباع، وجاز فيما يتعين بدونه الإتباع والقطع .. جاز فيه الوجهان، لكن بشرط تقديم المتبع الأول، فإذا كان لا يتعين إلا بالأول حينئذٍ وجب تقديمه أو الثالث وجب أن يتقدم. بشرط تقديم المتبِع.
وإذا كان المنعوت نكرة تعين في الأول من نعوته الإتباع وجاز في الباقي القطع، فلو كان نعتاً نكرة واحداً نحو: جاء رجل كريم لم يجز قطعه إلا في الشعر ضرورة على المشهور، ونقل عن سيبويه جوازه.
إذاً: إذا كان متعدداً في النكرة مطلقاً يجب أن يتبع الأول، وأما إذا كان غير متعدد فحينئذٍ تعين فيه الإتباع، ولم يتعرض هنا للقطع عند عدم تعدد النعت، والصحيح جوازه، يعني لو قال: مررت بزيد الكريم دون تعدد، الكلام فيما سبق في المتعدد، مررت بزيد الكريم، هنا الأصل الإتباع الكريمِ إذاً نقول: لم يتعرض هنا الناظم للقطع عند عدم تعدد النعت والصحيح جوازه خلافًا للزجاج المشترط في جواز القطع تعدد النعت. ثم النعت إذا قطع خرج عن كونه نعتاً.
إذا قيل: مررت بزيد الكريمِ، الكريمِ هذا على الإتباع بمعنى أن يكون نعت لما سبق بالخفض، هل يجوز قطعه أم لا؟ الزجاج شرط أن القطع لا يصح إلا في المتعدد: مررت بزيدٍ الكريمِ الفقيهِ، فيجوز القطع، أما إذا كان واحداً فلا، والجمهور على الجواز، فيصح أن يقال: مررت بزيد الكريمِ الكريمَ الكريمُ، بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، وبالنصب على أنه مفعول به، ولذلك إذا قطع النعت سواء قطع إلى الرفع أو إلى النصب خرج عن كونه نعتاً .. فليس بنعت، وإنما نرتب عليه جواز القطع وعدم النظر إلى أصله، وهو أنه نعت، نحكم عليه أولاً أنه نعت فُيتبع ثم نقول: لك وجه آخر وهو القطع إلى الرفع أو إلى النصب.
(وَاقْطَعْ أَوَ اتْبِعْ إِنْ يَكُنْ) يعني المنعوت (مُعَيَّناً بِدُونِهَا) كلها، حينئذٍ جاز لك الوجهان ولا يتعين.
(أَوْ بَعْضَهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا) أي: مظهراً ذلك وهو تنكيت على من منع.
ثم قال: