(وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ وَقَدْ تَلَتْ مُفْتَقِراً) تَلَتْ: يعني تبعت منعوتاً مُفْتَقِراً لِذِكْرِهِنَّ أُتْبِعَتْ يعني: إذا كان المنعوت لا يعرف إلا بهذه النعوت مجتمعة لا يجوز القطع، ويجب الإتباع، متى؟ إذا اتحد المنعوت .. كان واحداً، ثم النعوت متعددة: زيدٌ البخيل، الكريم، العالم .. إلى آخره، نقول: إذا كان لا يتميز المنعوت إلا بذكر النعوت كلها وجب الإتباع؛ لأن النعت من شأنه أن يكون موضحاً ومخصصاً، فإذا كان التخصيص والتوضيح لا يحصل إلا باجتماع هذه النعوت وجب أن تكون تابعة لما سبق.
(وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ) وإن كثرت نعوت.
(كَثُرَتْ) فعل ماضي.
و (نُعُوتٌ) هذا فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده أي: وإن كثرت نعوت.
(وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ) كثيرة .. يعني: زادت على نعت واحد، نعت واحد فصاعداً، اثنان فصاعداً.
(وَقَدْ) الواو واو الحال، وقد للتحقيق.
(تَلَتْ): يعني تبعت منعوتاً واحداً.
(مُفْتَقِراً) افتقاراً كلياً (لِذِكْرِهِنَّ) جميعاً .. كلها، بأن كان لا يعرف إلا بذكرها جميعاً.
(أُتْبِعَتْ) وجوباً، أي: وجب إتباعها للمنعوت في إعرابه، لماذا؟ لتنزيلها منه منزلة الشيء الواحد، كأنها شيء واحد؛ لأنه مفتقر لها.
إذا تكررت النعوت وكان المنعوت لا يتضح إلا بها جميعاً وجب إتباعها كلها، للعلة التي ذكرناها لتنزيلها منه منزلة الشيء الواحد، فتقول: مررت بزيد الفقيه الشاعر الكاتب.
وهذه إذا كان لا يتميز إلا بها، هذا متى؟ إذا كان عندنا زيد فقيه، زيد آخر شاعر، زيد ثالث كاتب، إذا عندنا ثلاثة وهذا الرابع، إذا عندنا زيد فقيه، وزيد شاعر، وزيد كاتب، حينئذٍ لو قلت: زيد الفقيه الشاعر الكاتب، لو سكت على الأول أتبعته التبس بغيره وهو الشاعر فقط، ولو قلت الكاتب فقط أتبعته التبس بغيره.
إذاً: لا يتميز إلا بذكر هذه النعوت كلها تابعة لسابقه، هذا تصور المثال، يعني لو وجد زيد آخر شاعر، ووجد زيد ثان وهو فقيه، ووجد زيد ثالث وهو كاتب، حينئذٍ إذا نعت زيد آخر رابع بهذه النعوت لا يتميز إلا بهذا؛ لأنك لو سكت على الأول التبس بالفقيه أو بالشاعر أو بالكاتب، ونحو ذلك.
وقد يكون المنعوت معيناً غير محتاج إلى تخصيص بالنعت وإليه أشار بالبيت الآتي.
وَاقْطَعْ أَوَ اتْبعْ إِنْ يَكُنْ مُعَيَّنا ... بِدُونِهَا أَوْ بَعَضَهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا
يعني: إذا اجتمعت أو تعددت النعوت -كثرت-، لكن قد يتضح المنعوت بدونها كلها، فحينئذٍ يجوز قطعها كلها ويجوز إتباعها كلها .. لا يجب، في الأول يجب، هنا يجوز الإتباع، ويجوز القطع، وإذا كان بعضها مفتقراً إليها المنعوت دون بعض، فحينئذٍ وجب في المفتقَر إليه الإتباع، وجاز في غيره الوجهان الذي هو القطع والإتباع.
وَاقْطَعْ: يعني الجميع.
أَوَ اتْبعْ: يعني الجميع
إِنْ يَكُنْ: المنعوت.
مُعَيَّنا: يعني تعين مسماه بدون النعت.
بِدُونِهَا: كلها.