الثانية: أن يختلفا في اللفظ والمعنى ويتحدا في الجنس، قام زيد وخرج عمروٌ الكريمان، قام وخرج مختلفان في اللفظ وفي المعنى، لكن قام فعل وخرج فعل اتحدا في الجنس، العاقلان لا نقول: نعت، وإنما هو خبر لمبتدأ محذوف هما العاقلان، أو العاقلين بالنصب على أنه مفعول به.
الثالثة: أن يتفقا في الجنس وفي اللفظ ويختلفا في المعنى. يتفقا في الجنس، كل منهما فعل، وفي اللفظ .. النطق، ويختلفا في المعنى نحو: وجد زيد ووجد عمروٌ، إذا أريد بوجد الأول حزن، وبالثاني أصاب .. وجد ضالته، فالوجود يختلف، اتفقا في اللفظ وفي الجنس كل منهما فعل واختلفا في المعنى.
إذاً إذا اختلف معنى العاملين مطلقاً ولو اتحدا في اللفظ حكمنا عليه بوجوب القطع.
فإن اختلفا معنى العاملين أو عملهما، قد يتحدان لكن يختلف العمل لم يجز الإتباع بل يجب القطع، ضربت زيداً وقام عمروٌ العاقلان، نقول: اختلف العمل هنا، الأول نصب زيداً والثاني رفع، إذاً العاقلان بالرفع أو بالنصب؟ لو أردنا أننا نتبعه النعت لا بد أن يكون مطابقاً للمنعوت، حينئذٍ لما اختلف العمل لا يمكن الإتباع، امتنع الإتباع؛ لأنه إذا اتحدا رفعاً كالصورة الأولى: ذهب زيد وانطلق عمروٌ العاقلان لا إشكال فيه، أما ضربت زيداً وقام عمروٌ العاقلان! نقول: لا. العاقلان هذا خبر لمبتدأ محذوف، أو العاقلين.
وكذا إذا كان العامل واحداً واختلف عمله نحو: خاصم زيدٌ عمراً العاقلان لا يصح، وإن جوزه البعض، الجمهور على عدم الجواز، حينئذٍ خاصم زيد عمراً لا نقول: العاقلان، على أنه تابع لما سبق.
إذاً: إذا اختلف معنى العاملين أو عملهما وجب القطع وامتنع الإتباع، لماذا؟ لأن العمل الواحد لا يمكن نسبته لعاملين، من شأن كل واحد منهما أن يستقل بنفسه.
وامتنع الإتباع فتقول: جاء زيدٌ وذهب عمروٌ العاقلين، جاء زيدٌ وذهب عمروٌ هنا اختلف المعنى أو العمل؟ المعنى؛ لأن العمل متحد، كل منهما مرفوع، هذا اقتضى فاعل وهذا اقتضى فاعل، وأما جاء وذهب مختلفان.
بالنصب على إضمار فعل أي: أعني العاقلين وبالرفع على إضمار مبتدأ أي هما العاقلان، وتقول انطلق زيد وكلمت عمراً الظريفين، اختلفا في المعنى والعمل، أي: أعنى الظريفين أو الظريفان، أي: هما الظريفان، ومررت بزيدٍ وجاوزت خالداً الكاتبين أو الكاتبان. كسابقه.
وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ وَقَدْ تَلَتْ ... مُفْتَقِراً لِذِكْرِهِنَّ أُتْبِعَتْ
(وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ) قد يكون للمنعوت الواحد نعتان فصاعداً بعطفٍ كقوله تعالى: ((سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)) [الأعلى:1] ((الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)) [الأعلى:2] ((وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى)) [الأعلى:3] ((وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى)) [الأعلى:4] ((وَالَّذِي)) هذه كلها نعوت والمنعوت واحد ومعطوفاً بالواو، لا نعربها نعوت، هي في المعنى نعت، الأول نعت، وما بعده الذي عطف بالواو فصل هذا صار عطف النسق، وبغير عطف كقول: ((هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)) [القلم:11] هذه كلها نعوت وبدون واو.
فإن كان المنعوت مفتقراً لذكرها كلها وجب إتباعها، وهو الذي عناه بالبيت الأول: