وَكافْتِقَارٍ أُصِّلا: هذا الباب السادس، من المبنيات بناءً واجباً، ستة أبواب في الأسماء، وكافتقار أصلا، يعني: وكافتقار، هذا معطوف على أي شيء؟ هذا معطوف على كنيابة إذا جعلناه نوعين تحت الشبه الاستعمالي، إذا جعلناه النوع الثاني تحت النوع الثالث من أنواع الشبه فهو معطوف كنيابة، وإن جعلناه رابعاً فهو معطوف على الأول كالشبه الوضعي؛ لأن ما جاء معطوفاً بالواو فحينئذٍ مرده إلى الأول، والظاهر أنه معطوف على قوله: كنيابةٍ؛ لأن هذين النوعين الشبه فيهما شبه استعمالي.
وكافتقار له: إلى الجملة، أُصِّلا: أُصِّل، َأُصِّل-، هذا فعل ماضي مغير الصيغة، والألف هذه للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير يعود على الافتقار، يعني: افتقار مؤصل، إذاً: النوع الرابع أو الثالث: وكافتقار له إلى الجملة، يعني: افتقار الاسم إلى الجملة كافتقار الحرف إلى الجملة، فحينئذٍ نقول: هذا أشبه الاسمُ الحرفَ، بشرط أن يكون هذا الافتقار مؤصلاً، يعني: متأصلاً، بخلاف الافتقار العارض فلا تأثير له البتة.
النوع الرابع، قال: شبه الحرف في الافتقار اللازم، يعني: شبه الاسم الحرف، في الافتقار اللازم، وهو أن يفتقر الاسم إلى الجملة افتقاراً مؤصلاً، أي: لازماً، لا يوجد هذا الاسم إلا مع الجملة، لا ينفك عنه البتة، مثل ماذا؟ الذي،-وهذا الباب خاص بالموصولات حتى تفهمونه من أوله-، الذي: جاء الذي .. الذي: هذا اسم موصول مبهم، والموصول عند النحاة ما افتقر إلى صلة وعائد .. صلة، هذه الصلة جملة أو شبه جملة، وشبه الجملة يكون متعلقاً بفعل أو نحوه فيكون جملةً:
وَجُمْلَةٌ أَوْ شِبْهُهَا الَّذِي وُصِلْ ..
إذاً: يوصل بجملة أو شبه جملة، هل يوجد الذي دون جملة الصلة، هل يوجد في كلام منفكاً عن الصلة، فيقال: جاء الذي .. مر الذي .. رأيت الذي؟ لا يمكن، فحينئذٍ افتقار الذي للجملة بعده افتقاراً مؤصلاً .. متأصلاً فيه، بمعنى: أنه لا ينفك عنه البتة، هذا المراد بالافتقار المؤصل، أن يفتقر الاسم إلى الجملة افتقاراً مؤصلاً، أي: لازماً كالحرف، وذلك كالأسماء الموصولة، نحو: الذي، فإنها مفتقرةٌ في سائر أحوالها إلى الصلة، فأشبهت الحرف في ملازمة الافتقار، الحرف يفتقر إلى ماذا؟ هل يوجد حرف بلا مدخول، مررت بـ .. جاء في .. مر عن .. يوجد؟ إذاً: الحرف مفتقر إلى ما بعده في ماذا؟ في إيضاح معناه؛ لأنه لا يتم له المعنى إلا في غيره، الحرف حقيقته ما دل على معنىً في غيره، إذاً: لا يمكن أن يوجد معنى الحرف ويستعمل في جملة اسمية أو فعلية إلا بما بعده، ولو يشترط أن يكون جملةً، هذا افتقار مؤصل أو لا؟ افتقار مؤصل، كما أن الذي لا يمكن أن يوجد هكذا مفرداً دون جملة الصلة، كذلك لا يوجد حرف من حروف المعاني إلا وبعده إما اسمٌ أو فعلٌ، فهذا افتقار، أشبه الاسم الحرف في الافتقار.
هذا استعمال أو يرجع إلى الوضع، أو إلى المعنى، أو النيابة؟ هذا في الاستعمال، ولذلك الأولى أن نجعل أنواعُ الشبهِ ثلاثةٌُُ: استعمالِيٌّ ووضعِيٌّ ومعْنَوِيٌّ، ثم الاستعمالي هذا تحته نوعان: أسماء الأفعال بالنيابة عن الفعل والافتقار.