أما ما افتقر إلى مفرد كـ (سُبْحَان)، بعض الأسماء كما سيأتي في باب الإضافة يفتقر الإضافة إلى مفرد، كسبحان الله، هذا لا يوجد إلا وهو مضاف إلى مفرد، ومثلها: عند، عند: هذه ملازمة للإضافة إلى مفرد.
أما ما افتقر إلى مفرد كـ (سُبْحَان) أو إلى جملةٍ لكن افتقاراً غير مؤصل، يعني: غير لازم، كافتقار المضاف في نحو: ((هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ)) [المائدة:119] يوم: مضاف، وينفع: الجملة في محل جر مضاف إليه، واضح؟ يوم: مضاف، وينفع: الجملة في محل جر مضاف إليه، المضاف مفتقر إلى المضاف إليه، صحيح؟ لا يوجد مضاف دون مضاف إليه، لكن هل هذا بخصوص اللقب وهو المضاف، أو مصدقه؟ يعني: عندنا مضاف مفتقر إلى مضاف إليه، (يَوْمُ يَنفَعُ) [المائدة:119]: هذا صورة من صور المضاف الذي يفتقر إلى المضاف إليه، هذا الافتقار في (يَوْمُ يَنفَعُ) [المائدة:119]، هل هو افتقار لازم، أم أنه غير لازم؟
الثاني، بدليل ماذا؟ أنه يمكن وجود لفظ يوم دون إضافة، هذا يوم مبارك .. ((فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ)) [المعارج:4] ((وَاتَّقُوا يَوْماً)) [البقرة:281] انفك عن الإضافة، فخلاف الذي، حينئذٍ يوم في هذا التركيب: (يَوْمُ يَنفَعُ)، هو مفتقر لا من حيث ذاته، وإنما من حيث كونه مضافاً؛ لأن المضاف يلزم منه مضاف إليه.
إذاً: من حيث اللقب والعنوان هو مفتقر، ومن حيث آحاده ونفسه غير مفتقر، كافتقار المضاف في نحو: ((هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ)) إلى الجملة بعده، فلا يبنى، لا نقول: يوم هذا مبني هنا، لماذا؟ لأنه غير مفتقر افتقاراً مؤصلاً، وإن افتقر في هذا التركيب إلى ما بعده، لا لكونه لفظ يوم وإنما من جهة كونه مضافاً، لأن المضاف يستلزم مضافاً إليه.
إلى الجملة بعده فلا يبنى؛ لأن الافتقار افتقار يوم إلى الجملة بعده ليس لذاته، وإنما هو لعارض كونه مضافاً إليها، والمضاف من حيث هو مضاف مفتقر إلى المضاف إليه، -أرجو أن يكون واضحاً- لأنه يقال: هذا يوم مبارك، فلم يفتقر إلى الجملة، ومثله النكرة الموصوفة، مررت برجل يضحك، أو تقول: هذا رجل يضحك، يضحك: هذه الجملة في محل رفع صفة لرجل، الصفة والموصوف بينهما تلازم كتلازم المضاف مع المضاف إليه، فحينئذٍ رجل: هذا مفتقر افتقاراً شديداً إلى يضحك، لكن هذا الافتقار من حيث كونه لفظ رجل، أو من حيث كونه موصوفاً منعوتاً؟ الثاني.
فحينئذٍ قد يفتقر الشيء إلى غيره لا من حيث ذاته، وإنما لما يعرض له.
ومثله النكرة الموصوفة بالجملة، فإنها مفتقرة إليها، لكن افتقاراً غير مؤصل؛ لأنه ليس لذات النكرة وإنما لعارض كونها موصوفةً بها، والموصوف من حيث هو موصوف مفتقر إلى صفته، وعند زوال عارض الموصوفية يزول الافتقار، وعند انفكاك المضاف إلى المضاف إليه يزول الافتقار.
إذاً: وَكافْتِقَارٍ أُصِّلا: المراد به الافتقار المؤصل، يعني: لا يوجد هذا اللفظ أينما استعمل في كلام العرب وقُلِّب وبُدِّل إلا وهو مفتقر إلى ما بعده، وأما إذا كان مفرداً يضاف في تارةٍ .. -في مرةٍ- ثم ينفك عنه مرةً أخرى، حينئذٍ نقول: هذا ليس بمفتقر إلى المضاف إليه.
إذاً: هذه أربعة أنواع:
كالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا