إذاً: شُرط أن تكون الجملة خبرية لأن النعت يوضح المنعوت أو يخصصه، والجملة لا تصلح لذلك إلا إذا كان مضمونها معلوماً للسامع قبل، ومضمون الجملة الإنشائية غير معلوم قبل:

(وَامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ) هذا كالاستدراك بل هو استدراك، من قوله: فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا، سبق أن الصحيح قول الجمهور .. من صحة إيقاع الجملة الطلبية خبراً عن المبتدأ خلافاً لابن الأنباري، فإذا قيل: زيد اضربه، زيد مبتدأ وجملة اضربه خبر، زيد لا تهنه، زيد مبتدأ ولا تهنه الجملة خبر. هذا صحيح وهو المرجح هناك.

وجوِّز هناك أن يكون الخبر جملة إنشائية؛ لأن الخبر حكم والأصل في الحكم أن يكون مجهولاً، فلا مانع من أن يؤدى بالجملة الإنشائية .. بشيء لم يكن معلوماً عند المخاطب، وأما هنا فلا؛ لأن المراد به التخصيص أو التوضيح فهذا لا بد أن يكون معلوماً، وأما الخبر فهو حكم والأصل فيه أن يكون مجهولاً، ولذلك لا يشترط فيه أن يكون معرفة بخلاف المبتدأ.

(وَامْنَعْ هُنَا) يعني في هذا الباب لا في الخبر على المختار وهو قول الجمهور.

(وَامْنَعْ) هذا فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت وجوباً.

و (هُنَا) هذا ظرف. لا في الخبر على المختار، قيده لئلا يفهم أن الحكم عام، فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا.

حينئذٍ قد يفهم من المنع لو لم يقيده أن الحكم عام وليس الأمر كذلك.

(وَامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ)

(إِيقَاعَ) أوقع يوقع إيقاعاً، إيوقاعاً هذا الأصل؛ لأنه من الوقوع.

(إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ) إيقاع هذا مصدر، مضاف إلى المفعول، يعني إيقاعك أنت ذات الطلب، أنت الموقع وذات الطلب هي الموقعة، إذاً إِيقَاعَ نقول: مصدر مضاف إلى المفعول، وذَاتِ الطَّلَبِ في المعنى هي مفعول والفاعل ضمير مستتر أنت، أنت الفاعل.

(إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ)، ذَاتِ: هذا نعت لمحذوف، يعني: إيقاع الجملة ذات الطلب، فذات الطلب ليست وصفاً لك أنت، وإنما وصف للجملة.

(وَامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ) نعتاً.

(وَإِنْ أَتَتْ) يعني: الجملة التي منعنا إيقاعها وهي الجملة الطلبية والمراد بها جملة الأمر والنهي والدعاء والاستفهام والعرض والتحضيض .. فلا يقع شيء من ذلك نعتاً؛ لأنها لا تدل على شيء محصل يحصل به تخصيص المنعوت.

(وَإِنْ أَتَتْ) يعني الجملة الطلبية الممنوع إيقاعها نعتاً في كلام العرب، يعني في المنثور أو المنظوم.

(فَالْقَوْلَ أَضْمِرْ تُصِبِ) فأضمر القول، فأضمر: يعني انو، وقدر القول.

(تُصِبِ) جواب الأمر، أين الأمر؟ (أَضْمِرْ تُصِبِ) ((قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ)) [الأنعام:151] أتلو هذا فعل مضارع واوي، مثل: أدعو، ((أَتْلُ)) [الأنعام:151] أنت لا تقرؤها بالواو، مجزوم، ما الجازم له؟ وقوعه في جواب الأمر .. طلب. سيأتي معنا هذا.

(وَإِنْ أَتَتْ) الجملة الطلبية يعني: نعتاً (فَالْقَوْلَ) الفاء واقعة في جواب الشرط (إن).

(فَالْقَوْلَ أَضْمِرْ): يعني فأضمر القول تُصِبِ، يعني يكون النعت ليس هو الجملة الطلبية، وإنما المقدر المضمر، لو قال: مررت برجل اضربه وقعت هنا، ماذا نصنع؟ لو نقل الكلام هكذا: مررت برجل اضربه، اضربه هذه الجملة طلبية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015