قال: (فَالْقَوْلَ أَضْمِرْ): يعني: انو أن القول محذوف، برجل مقول فيه اضربه، مقولٍ هو الذي وقع نعت، وأما الجملة فليست نعتاً، وإنما هي مفعول لمقول كما ذكرناه في: بنعم الولد، وعلى بئس العير، حينئذٍ دخل على مقول محذوف.

فأضمر القول تُصِبِ، (تُصِبِ) هذا مجزوم بجواب الشرط.

قال الشارح هنا: لا تقع الجملة الطلبية صفة فلا تقول: مررت برجل اضربه وتقع خبراً خلافاً لابن الأنباري، وفرق بينهما كما ذكرناه سابقاً.

فتقول: زيد اضربه، هذا جائز، ولما كان قوله: فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا، يوهم أن كل جملة وقعت خبراً يجوز أن تقع صفة قال: (وَامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ).

إذاً: ماذا استفدنا من قول ابن مالك: فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا؟

أولاً: أن تكون خبرية؛ لأن فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا يفهم منه .. بل هو ظاهره أنها تشمل الجملة بنوعيها الخبرية والإنشائية، ثم استثنى الإنشائية (وَامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ) بقي الخبرية، إذاً: دل على أنها خبرية.

ثانياً: اشتماله على رابط، لكنه لم يبين حقيقة هذا الرابط فأوقع في إيهام: وهو أن الرابط مطلق، لكنه هنا خاص بالضمير، إذاً عمم والمراد التخصيص، هذا محل نظر.

ثالثاً: يمكن أن يستفاد بأنها لا تتصل بها الواو كالجملة الحالية؛ لأن ثم نسب بين هذه الجمل التي تقع خبراً ونعتاً وحالاً.

الجملة النعتية لا تكون متصلة بالواو، يعني لا تدخل عليها الواو كالجملة الخبرية.

إذاً: ثلاثة أحكام تؤخذ من قوله: فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا.

فلما كان القول موهماً بأن الإنشائية تقع نعتاً .. الطلبية قال: (وَامْنَعْ هُنَا) لا هناك، أما هناك فالصواب أنه جائز، (وَامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ) أي: امنع وقوع الجملة الطلبية في باب النعت وإن كان لا يمتنع في باب الخبر، ثم قال: فإن جاء ما ظاهره أنه نعت فيه بالجملة الطلبية فيخرج على إضمار القول، على حذفه، ويكون المضمر صفة والجملة الطلبية معمول القول المضمر.

وذلك مثل البيت المشهور:

حَتى إِذا جَنَّ الظَّلامُ واخْتَلَطْ ... جاؤُوا بمَذْقٍ هَلْ رَأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟

المذق ما هو؟ هو اللبن المخلوط بالماء، (بمَذْقٍ هَلْ رَأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟) بمَذْقٍ هَلْ رَأَيتَ يعني موصوف بكونه (هل رأيت الذئب قط) يعني مثله، لونه لون الذئب.

وهل هذا استفهام، فهي جملة طلبية إنشائية هل تقع نعتاً؟ قال: لا.

إذاً: بمذق مقول فيه هَلْ رَأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟ حينئذٍ هَلْ رَأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ ليست نعتاً وإنما هي في محل نصب للمقول المقدر.

(بمَذْقٍ هَلْ رَأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ) لأن المذق: هو اللبن الممزوج بالماء، شبهه بالذئب لاتفاق لونهما؛ لأن فيه غبرة وكدرة.

فظاهر هذا أن قوله: هَلْ رَأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ صفة لمذق، وهي جملة طلبية ولكن ليس هو على ظاهره بل هَلْ رَأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ معمول لقول مضمر هو صفة لمذق، والتقدير: بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط.

وَنَعَتُوا بِمَصْدَرٍ كَثِيراً ... فَالْتَزَمُوا الإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015