وبقي شرط: أن تكون النكرة المنعوتة مذكورة فلا يجوز حذفها إلا في حالة سيأتي ذكرها، هذه ثلاثة شروط تشترط في الجملة التي يصح أن تقع نكرة:

الشرط الأول: أن يكون منعوتها نكرة.

الشرط الثاني والثالث يعودان إلى الجملة نفسها لا إلى المنعوت، وهو أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالمنعوت، وهذا متفق عليه، وكذلك يشترط فيها أن تكون خبرية، وأما الطلبية فالجماهير على أنه لا تقع نعتاً.

(وَنَعَتُوا بِجُمْلَةٍ مُنَكَّرَا)

قال الشارح: تقع الجملة نعتاً كما تقع خبراً وحالاً، وسبق بيانه، وهي مؤولة بالنكرة، ولذلك اشترط في منعوتها أن يكون نكرة؛ ليحصل التطابق بين النعت والمنعوت (وَلْيُعْطَ فِي التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ مَا لِمَا تَلاَ)، إذاً لماذا اشترط النحاة في كون منعوت الجملة نكرة؟ لكونها هي مؤولة بالنكرة، لماذا نقول مؤولة بالنكرة ولا نقول هي نكرة؟ لأن التنكير والتعريف وصف للأسماء المفردة لا للجمل، ولذلك النحاة يقولون: مؤولة بالنكرة، ولا يحكمون عليها بأنها نكرة، لماذا؟ لأن التنكير وصف للاسم المفرد، وكذلك التعريف، ولا يوصف به الجملة.

قيل: الجملة ليست نكرة ولا معرفة، هذا بالفعل ليست نكرة ولا معرفة، لماذا؟ لأن التعريف والتنكير من عوارض مدلول الاسم، والجملة من حيث هي جملة ليست اسماً، وإنما جاز نعت النكرة بها دون المعرفة لتأولها بالنكرة، يعني كأنها في قوة النكرة.

ولذلك لا ينعت بها إلا النكرة نحو: مررت برجل قام أبوه، أو أبوه قائم، ولا تنعت بها المعرفة، فلا تقول: مررت بزيد قام أبوه على أنه نعت، التركيب جائز على أنه حال، أو أبوه قائم.

وزعم بعضهم أنه يجوز نعت المعرف بالألف واللام الجنسية بالجملة وجعل منه: ((وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ)) [يس:37] والبيت الذي ذكرناه، وهذا ميل منه إلى قول أبي حيان والصواب خلافه، أنه يجوز أن ينعت بالجملة ما حلي بأل الجنسية خلافاً لما ذكره هنا.

وأشار بقوله فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَاً إلى أنه لا بد للجملة الواقعة صفة من ضمير يربطها بالموصوف وقد يحذف للدلالة عليه.

الرابط هنا لا يكون إلا ضميراً، يعني فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا، يعني مراده في اشتمالها على الضمير، ولذلك عبارته موهمة، قد يظن المساواة مطلقاً بين جملة الخبر وجملة النعت وليس الأمر كذلك، وإنما مراده أنها تشتمل على ضمير يربطها بالمنعوت كما أن الخبر يشتمل على ضمير يربطها بالمبتدأ، هذا مراده.

إذاً الرابط هنا لا يكون إلا ضميراً بخلاف الخبر، هناك يكون اسم إشارة، إعادة المبتدأ بلفظه، بمعناه، العموم .. الخ، أما هنا فلا يتأتى هذا، وإنما لا بد من ضمير، وقد يحذف للعلم به، يعني لماذا فرقنا بين المنعوت والخبر؟ والفرق أن المنعوت لا يستلزم النعت صناعة، بخلاف المبتدأ، المبتدأ يطلب الخبر، إذاً: إذا قلت: هذا مبتدأ يلزم منك أن تذكر له خبر وإلا أخطأت في الإعراب، لكن إذا قلت: جاء رجل لا يلزم أن تنعته، إذاً المنعوت لا يستلزم النعت، بخلاف المبتدأ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015