* باب أفعل التفضيل.
* شروط ما يصاغ منه أفعل التفضيل.
* حالات أفعل التفضيل وحكم كل منها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى: أَفْعَلُ التَّفْضِيْلِ أي هذا باب بيان ما يتعلق بأفعل التفضيل، وأفعل مضاف والتفضيل مضاف إليه .. من إضافة الشيء إلى نوعه؛ لأن أفعل ليس دائماً يكون للتفضيل، بل هو أنواع قد يكون للتفضيل وقد يكون لغيره، لذلك مر معنا أنه يأتي للتعجب: ما أحسن زيد، بِأَفْعَلَ انْطِقْ بَعْدَ مَا تَعَجُّبَا، أَفْعَلَ حينئذٍ جاء لغير التَّفْضِيْلِ.
فنقول: أَفْعَلَ مضاف، والتَّفْضِيْلِ مضاف إليه، من إضافة الشيء إلى نوعه.
أي: أَفْعَلَ الذي يراد به التَّفْضِيْلِ، واحترز به من أفعل الذي ليس للتفضيل كأحمر هذا ليس للتفضيل، وأشهر ليس للتفضيل، وبعضهم يعبر باسم التفضيل بدلاً من أن يقول: أفعل يقول: اسم التفضيل، أي الاسم الدال على التفضيل، فَـ أَفْعَلَ التَّفْضِيْلِ معناه أفعل الذي يكون موزونه دالاً على التَّفْضِيْلِ، أفْعَلَ هذا وزن، موزونه هو الذي يدل على التفضيل، يعني إذا قيل: أعلم، ما وزنه؟ تقول: أفْعَلَ، إذاً أيهما الذي دل على التفضيل الوزن أم الموزون؟ الموزون، إذاً كيف نقول: أَفْعَلَ التَّفْضِيْل؟ نقول: أَفْعَلَ التَّفْضِيْل المراد به: أَفْعَلَ الذي يكون موزونه دالاً على التفضيل، والمراد بالتفضيل مطلق نسبة الزيادة، فيشمل نحو أجهل وأخبث، ولذلك بعضهم قال: الأولى أن يعبر باسم التفضيل، ولا يقال أفعَل، لما ذكرناه من أخبث وأجهل، ولما زاده البعض من خير وشر، خير وشر أفْعَلَ تَفْضِيْل، ليس على وزن أفْعَلَ .. خير ليس على وزن أفْعَلَ ليس فيه همزة، وكذلك شر ليس فيه همزة، حينئذٍ كيف نقول فيهما وهما أفعل التفضيل؟ نقول: الأصل أنهما أفعل التفضيل، وإنما حذفت منهما الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال، إذاً أَفْعَلَ التَّفْضِيْل قد يكون لفظاً وقد يكو مقدراً، كما في خير وشر، وهو قليل معدود زيد عليه حب أحب، تحذف الهمزة منهما وَحَبُّ شَيءٍ إِلى الإِنسانِ مَا مُنِعَا، وَحَبُّ شَيءٍ يعني أحبُ شيء من الإنسان ما منع، حينئذٍ نقول: أفْعَلَ التَّفْضِيْل هنا مقدرة؛ لأن الهمزة محذوفة لكثرة الاستعمال.
وَغَالِبَاً أَغْنَاهُمُ خَيْرٌ وَشَرْ ... عَنْ قَولهِمْ: أَخْيَرُ مِنْهُ وَأَشَرْ
ولذلك جاء: ((أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا)) [يوسف:77] على الفرع، ((هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)) [يونس:58] وجاء: "بِلاَلُ خَيرُ النَّاسِ وَابنُ الأَخْيَرِ"، على الأصل، إذاً صرح به نقول: هذا على القياس، لكن خير وشر هذا شاذ قياساً لا استعمالاً، أما الاستعمال فهو كثير، لذلك جاء في القرآن، ولا يجوز أن يقال في القرآن ما هو شاذٌ استعمالاً، فلو عبر بالشاذ قياساً لا بأس به؛ لأن المراد به أنه مخالف للأصول العامة التي قعدها النحاة، وأنه مخالف لما اشتهر من لسان العرب، ولا إشكال فيه.
إذاً خير وشر على وزن أفعل، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ومثلهما أحب، ومنه: وَحَبُّ شَيءٍ إِلى الإِنسانِ مَا مُنِعَا.
إذاً قيل: الأولى أن يعبر باسم التفضيل لا بأفعل ليشمل خيراً وشر؛ لأنهما ليسا على زنة أَفْعَلَ.