إذن: أنَّه لا تعمل فيه النواسخ بخلاف مخصوص (نِعْمَ) نحو: نِعْمَ رجلاً كان زيدٌ، ولا يَصِح أن يُقال: حَبَّذا كان زيد.

الثالث: أن إعرابه خبر مبتدأ محذوف أسهل منه في باب (نِعْمَ) لأن ضَعْفَه هناك نشأ من دخول نواسخ الابتداء عليه، وهي لا تدخل عليه هنا، يعني: إعرابه خبر مبتدأ محذوف، هناك قلنا: نِعْمَ الرَّجُل زيدٌ، قلنا: يجوز أن يُعرَب (زيد) خبر مبتدأ محذوف، لكنَّه فيه ضعف.

في باب (حَبَّذا) لا، لماذا؟ لِمَا ذكره من عِلَّة، هنا إعرابه خبر مبتدأ محذوف أسهل منه في باب (نِعْمَ) -هناك أسهل، وأمَّا هنا لا-، لأن ضعفه هناك نشأ من دخول نواسخ الابتداء عليه، وهي لا تدخل عليه هنا لو كان مَحذوفاً، خبرٌ لمبتدأ محذوف، وقلنا هناك: إذا أعْرَبناه خبر مبتدأ محذوف صار المبتدأ لازم الحذف، وسبق أنَّ (كان) لا تدخل على .. ؟؟؟

في أول النواسخ (إنَّ وكان) تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا، قلنا: أطلق الناظم مبتدأ أيَّ مبتدأ، قلنا: بشرط ألا يكون لازم الحذف، ومَثَّلنَا بهذا الباب، تَرْفَعُ كَانَ المُبْتَدَا اسْماً، قلنا: (المبتدأ) ظاهر كلامه: أنَّ كل مبتدأ تدخل عليه (كان) قلنا: هذا ليس بصواب، بل يستثنى منه ما كان لازم الصدر، فلا تدخل عليه (كان) البَتَّة، ويُستثنى منه ما كان لازم الحذف ومَثَّلنا بهذا الباب، فقلنا: نِعْمَ الرَّجُل زيدٌ، لو أعربناه خبراً لمبتدأ محذوف، أين المحذوف الذي تدخل عليه (كان) .. كيف تدخل؟ هو واجب الحذف، إذن: يَمتنع أن تدخل عليه (كان).

الرابع: أنَّه يَجوز ذكر التمييز قبله وبعده، نَحو: حَبَّذا رجلاً زيدٌ، يجوز أن يَتقدَّم ويتأخر، وحَبَّذا زيدٌ رجلاً، قال في (شرح التسهيل): " وكلاهما سهلٌ يسير واستعماله كثير، إلا أنَّ تقديم التمييز أولى وأكثر، وذلك بخلاف المخصوص بـ: (نِعْمَ) فإن تأخير التمييز عنه نادر كما سبق " يعني لا يُقال: نِعْمَ زيدٌ رجلاً، هذا قليل نادر، وإن جَوَّزه الكوفيون.

إذن:

وَأَولِ ذَا المَخْصُوصَ أَيّاً كَانَ لاَ

وَمَا سِوَى ذَا .............................. ... تَعْدِل بِذَا فَهْوَ يُضَاهِي المَثَلاَ

(وَمَا سِوَى ذَا) يعني: والذي سوى (ذَا)، (سِوَى) هذا مُتعلِّق بمحذوف صلة الموصول، وهو مضاف و (ذَا) مضافٌ إليه، (ارْفَعْ) هذا للأمر، والأمر يقتضي الوجوب، لكنَّه مصروف بقوله: (أَو فَجُرْ) والتخيير يدل على عدم الإيجاب، وهذا ما اسْتدلَّ به ابن حزمٍ على عدم وجوب النكاح: ((فَانكِحُوا مَا طَابَ)) [النساء:3] ثُمَّ قال: ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)) [النساء:3] خَيَّره بين هذا وذاك، فدل على عدم الإيجاب.

وَمَا سِوَى ذَا ارْفَعْ بِحَبَّ أَو فَجُرْ ... بِالبَا وَدُونَ ذَا انْضِمَامُ الحَا كَثُرْ

وَدُونَ ذَا يعني: (حَبَّ) من غير (ذَا) (انْضِمَامُ الحَا كَثُرْ) يعني: كثير، ولا يلزم أنه أشهر من الفتح.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015