طيب! (زَادِ أَبيكَ فِينَا) واضح، إذا أردنا تَخرِيجه لمنع أن يكون (زَادَاً) هو تَمييز نَجعل (تَزَوَّدْ مِثْلَ زَادِ) نقول: (مِثْلَ زَادِ) ليس هو المفعول، وإنما (زَادَاً) هو المفعول و (مِثْلَ زَادِ) هذا الأصل فيه أنه مُتأخر فتَقدَّم ونصب على الحالية، وأصل التركيب: (تَزَوَّدْ زَادَاً مِثْلَ زَادِ أبيكَ فِينَا فَنِعْمَ الزَّادُ زَادُ أبيكَ) إذن: ليس عندنا جمع بين ظاهر وتَمييز، لكن في الأول فيه نوع صعوبة.

وبعضهم فَصَّلَ فقال: إن أفاد التمييز فائدةً زائدةً على الفاعل جاز الجمع بينهما، نحو: نِعْمَ الرَّجُل فارساً زيدٌ .. (فارساً) هذا التمييز و (الرَّجُل) هذا فاعل نِعْمَ، إذن: استفدنا شيئاً جديداً من التمييز، أمَّا: نِعْمَ الرَّجُل رجلاً زيدٌ، ليس فيه فائدة، لأنه لم يقع كشفٌ به، وليس مُفسِّراً، بل هو وجوده وعدمه سواء: نِعْمَ الرَّجُل زيدٌ .. نِعْمَ الرَّجُل رجلاً زيدٌ، ما الفائدة منه؟ لا شيء، فهذا القول وهو منسوب لابن عصفور، التفريق أو الفَصْل بين ما إذا كان المميز له فائدة أو لا، إن أفاد جاز أن يُجمع بينه وبين الفاعل الظاهر، وإن لم يُفِد حينئذٍ لا يُذكر أصالةً. نِعْمَ الرَّجُل فارساً زيدٌ وإلا فلا، نحو: نِعْمَ الرَّجُل رجلاً زيدٌ، وصحَّحَه ابن عصفور.

وكقوله:

فَنِعْم المرءُ مِن رَجُل تِهَامى ..

(فَنِعْم المرءُ) هذا فاعل (مِن رَجُل) هنا جُرَّ بـ: (مِنْ) وهو تَمييز، أفاد بواسطة نَعْتِه بكونه منسوباً إلى تهامة، ومنه:

نِعْمَ الصَّدِيقُ صَدِيقاً وفيَّاً ..

هذا بواسطة نَعْتِه، (نِعْمَ الصَّدِيقُ صَدِيقاً) (صَدِيقاً) هذا تَمييز (نِعْمَ الصَّدِيقُ صَدِيقاً) والصديق صديق، ما الفائدة من (صَدِيقاً)؟ حينئذٍ نقول: لَمَّا وصِفَ (نِعْمَ الصَّدِيقُ صَدِيقاً وفيَّاً) جميلاً ونحو ذلك حينئذٍ حصلت الفائدة بالوصف.

إذن: (وَجَمْعُ تَمْيِيزٍ وَفَاعِلٍ ظَهَرْ) فاعلٍ ظاهر (فِيْهِ خِلاَفٌ عَنْهُمُ قَدِ اشْتَهَرْ) ولم يُرجِّح الناظم إلا أنه في غير هذا الكتاب رجَّحَ الجواز مُطلقاً: أنه يُجمع بينهما، لكن إذا عُلِّلَ:

وَيَرْفَعَانِ مُضْمَراً يُفَسِّرُه ... مُمَيِّزٌ. . . . . . . . .

أن التمييز هنا واجب لكونه مُفسِّراً للضمير المبهم حينئذٍ العِلَّة هذه لا بد أن تكون مُطَّرِدة، فإذا كشف مُبهماً وزاد فائدةً، فقد يُقال: إنه لا إشكال بالجمع، وإلا فالأصل المنع.

وقال في غير هذا الكتاب: " والجواز هو الصحيح لوروده نثراً ونظماً " ومن النَّثر ما حُكِي في كلامهم وسبق ذِكْر شيئاً من ذلك، ومن النثر قولهم: نِعْمَ القتيل قتيلاً أصلح بين بكرٍ وتَغْلِب .. تَغْلِب تَغْلَب، نِعْمَ القتيل قتيلاً، وقد جاء التمييز حيث لا إبهام يرفعه لِمُجرَّد التوكيد، هذا بناءً على ما سبق في باب التمييز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015