وَيرْفَعانِ أَيضًا عَلى الفَاعِليَّة مُضْمَراً يُفَسِّرُهُ مُمَيِّزٌ، هذا النوع الثاني من الفاعل الذي يرفعه نِعْمَ وَبِئْسَ، قلنا: رَافِعَانِ اسْمَيْنِ ظاهراً أو مضمراً، يحتمل هذا وذاك فهو داخل فيه، فحينئذٍ رَافِعَانِ اسْمَيْنِ ظاهراً ومضمراً، وَيَرْفَعَانِ أيضاً على الفاعلية مُضْمَراً هذا مفعول لقوله يَرْفَعَانِ، والألف في يَرْفَعَانِ فاعل، ورفعه يكون بثبوت النون، ما الدليل؟ وَاجْعَلْ لِنَحْوِ يَفْعَلاَنِ النُّونَا رَفْعاً، إذن: مرفوع بثبوت النون أو بثبات النون، وَيَرْفَعَانِ مُضْمَراً: مُضْمَراً: مبهماً، لابد أن يكون مبهماً، هذا الشأن فيه، يُفَسِّرُهُ مُمَيِّزٌ: ظاهره أنه متأخر ولا يتقدم، وهذا قول جمهور النحاة؛ أن ضمير المرفوع بنِعمَ وبئسَ على أنه فاعل لهما، يجب أن يُفَسَّر بـ (مُمَيّزٍ) لأنه مبهم في نفسه. كَنِعْمَ قَوْماً مَعْشَرُهُ، يعني: كقولك، الكاف إذا دخلت على جملة لابد من التأويل، فنقول: كقولكَ داخلة على محذوف هو قوم، نِعْمَ قَوْماً مَعْشَرُهُ، ننزل كلام الناظم هنا نِعْمَ فعل ماضي، وهو غير متصرف، وقَوْماً: هذا بالنصب، لا يصلح أن يكون فاعلاً؛ لأنه ليس مقارناً لـ (أل)، وليس مضافاً لما فيه أل، حينئذٍ يتعين أن يكون الضمير مستتراً هنا فاعلاً لنعم، فنقول: نِعْمَ فعل ماضٍ وفاعله ضمير مستتر، قَوْماً: هذا واجب ذكره، لماذا؟ لأن الضمير الذي أسند إليه نِعْمَ مبهم، لابد من تفسيره، من مرجع يفسره، هذا المراد، فقوماً منصوبٌ على التمييز، على أنه مفسر للضمير المستتر في نِعمَ، وواجب التأخير عند جمهرة النحاة، حينئذٍ يلزم منه عود الضمير على متأخرٍ لفظاً ورتبة، وقلنا: هذا من المسائل المستثناة، ستة أبواب أو ست مسائل استثناها النحاة؛ من عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة خلافاً للأصل المطرد في لسان العرب ومنها باب نِعمَ وبئسَ في هذا المقام، وهو أن نعم وبئس يرفعان ضميراً مستتراً، ثم نقول: يجب أن يفسر بتمييز منصوب بعده، حينئذٍ رجع الضمير، نعم هو مثلاً أو هم قوماً لا يجوز إظهاره، لكن من باب التعليم، نِعمَ هم، هم من؟ ليس هناك كلام سابق رجع إليه، هم قوماً، إذن: هم رجع إلى قوماً وهو متأخر في اللفظ والرتبة، حينئذٍ نقول: هذا مما يستثنى في لسان العرب، وإلا الأصل في عود الضمير أن يكون على متقدمٍ لفظاً ورتبةٍ.