إذن: أل هذه مُقَارِنَىْ (أَلْ) نقول: أكثر النحاة والبيانيين على أنها جنسية، ثم اختلفوا هل هو الجنس الحقيقي أو المجازي؟ الأكثر على أنه الحقيقي، وقال بعضهم: المراد به العهد، ثم اختلفوا، هل العهد الخارجي أو العهد الذهني؟ على كلٍّ الأقرب إلى الحقيقة أن يقال: العهد الذهني، أما أكثر النحاة فاختاروا ما ذكرناه.
مُقَارِنَىْ (أَلْ): هذا النوع الأول، أَوْ: للتنويع، وهو النوع الثاني من فاعل نِعمَ وبئسَ، مَضَافَينِ: يعني: لا يكونان مقارني لـ (أل)، انتفت (أل).
إذن عندنا مرحلة ثانية: وهي أن يكونا مضافين لما قارنها، مثل ماذا؟ نِعْمَ عُقْبَىْ الْكُرَمَا كما قال الناظم هنا: نِعْمَ عُقْبَىْ، ما فيه أل، هو فاعل نِعمَ، لكنه أضافه إلى ما فيه أل، فجوز أن يكون فاعلاً لنِعمَ.
أَوْ مَضَافَينِ لِمَا: مضافين هذا معطوف على قوله: مُقَارِنَىْ، ولِمَا هذا متعلق به، لأنه مضاف اسم مفعول، قَارَنَهَا .. مضافين لما قارنها: يعني: للذي قَارَنَهَا، وقَارَنَهَا صلة الموصول، كقولك: الكاف داخل على مقول محذوف، كقولك: نِعْمَ عُقْبَىْ الْكُرَمَا .. الكرماءُ بالهمز، لكنه قصره للضرورة.
إذن: نِعْمَ فعل ماضي وعُقْبَىْ فاعله، وحينئذٍ لو قيل: ما دخلت عليه أل؟ نقول: نعم، لكنه أضيف إلى ما فيه (أل)، وهذا جائز.
أَوْ مُضَافَيْنِ لِمَا قَارَنَهَا: يعني: قد لا تضاف إلى ما فيه أل، قد يضاف فاعل نِعمَ إلى لفظ لم يقترن بـ (أل)، لكنه يضاف هو إلى ما فيه (أل)، وهذا داخل في قول الناظم: قَارَنَهَا.
ولذلك قال الصبان: أَوْ مَضَا فَينِ لِمَا قَارَنَهَا ولو بواسطة، إما أن يكون مباشراً لها، مثل: عُقْبَىْ الْكُرَمَا، مضاف إليه باشر أل، أو قد لا يكون فيه أل، لكنه أضيف هو أيضاً إلى ما فيه أل، كقول الشاعر:
فَنِعْمَ ابنُ أُخْتِ الْقَوْمِ
فَنِعْمَ ابنُ أُخْتِ: لو وقفنا إلى هنا قلنا: لا يجوز؛ لأن ابن هذا فاعل نِعمَ، وهو قد أضيف، لكنه لم يضف إلى ما فيه أل، لكننا نقول: لا، قد أضيف هذا أُخْتِ إلى ما فيه أل وهو الْقَوْمِ، وظاهر كلام الناظم أنه لا يريد هذا النوع لقلته، ولكن لا مانع من إدخاله، فنقول: أَوْ مُضَافَيْنِ لِمَا قَارَنَهَا ولو بواسطة، حينئذٍ أُخْتِ هو الواسطة هنا.
فَنِعْمَ ابنُ أُخْتِ الْقَوْمِ غَيْرَ مُكَذَّبِ
ولم ينبه عليه لكونه بمنزلة السابق، وقد نبه عليه في التسهيل .. هو نفسه رحمه الله.
وَيَرْفَعَانِ: هذا النوع الثالث أو الربع، النوع الثالث باعتبار كلام الناظم في ظاهره، والنوع الرابع باعتبار ما زدناه.