إذن: هذه الهمزة تدل على الصيرورة بمعنى: صار كذا، هذا الأصل فيه. بمعنى: صار ذا كذا، كـ أغد البعير أي: صار ذا غدة، ثم غيرت الصيغة، غيرت من الماضي إلى الأمر: أحسَنَ زيدٌ بالرفع، فقيل: أحسِن حوِّلت من صيغة الماضي إلى الأمر، فقيل: أحسِن زيدٌ فحصل قبح، وهو: أن صورة أحسن فعل أمر، وفعل الأمر لا يناسبه ما بعده أن يكون اسماً ظاهراً، إذا كان مرفوعاً؛ لأنه فاعل أحسِنْ زيدٌ هذا لا نظير له، فحينئذٍ من باب تحسين اللفظ زيدت الباء لزوماً، ثم غيرت الصيغة فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر، أحسنْ زيدٌ هذا قبيح، فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صورة المفعول به، كامرر بزيدٍ، إذن أحسِن بزيد أصلها: أحسنَ زيدٌ. حوّلت صيغة الماضي إلى الأمر للعلة السابقة التي هي: صار ذا كذا، حينئذٍ قيل: أحسِن زيدٌ، في الظاهر صار اللفظ لفظ فعل أمر، والذي يليه اسم ظاهر، ومن القبيح أن يتلو الفاعل وهو اسم ظاهر فعل الأمر ولو صورة؛ لأن فعل الأمر لا يرفع فاعلاً ظاهراً وإنما يرفع ضميراً مستتراً أو بارزاً، قُوما، قوموا، قم .. إذن ضمير مستتر أو بارز، وهنا عندنا في هذا المثال: أحسن بزيدٍ المخاطب واحد، فحينئذٍ لا يحسن أن يتلوه اسم ظاهر، فمن باب التحسين والإصلاح للفظ زيدت الباء لزوماً على الفاعل، فصار مثله مثل امرر بزيد، حينئذٍ تعربه تقول: بزيدٍ الباء زائدة، وزيدٍ فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، لماذا زيد؟ لإصلاح اللفظ من باب التحسين.
ولذلك التزمت بخلافها في نحو: ((كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)) [النساء:79] ليست بواجبة، يعني: قد تترك الباء هنا، قلنا الباء زائدة لكنها ليست بواجبة، كَفَى الشَّيْبُ وَالإسْلاَمُ لِلمرْءِ نَاهِيَاًً.
فأصله أحسِن بزيدٍ: أحسَن زيدٌ، أي: صار ذا حسنٍ، فهمزته للصيرورة ثم غيرت الصيغة عند نقلها إلى إنشاء التعجب ليوافق اللفظ في التغيير, تغيير المعنى من الإخبار إلى الإنشاء.
إذن حولت صيغة الماضي لقصد الإنشاء إلى صورة فعل الأمر، ثم دخلت الباء على الفاعل الظاهر .. الاسم الظاهر من باب التحسين.
وهذا مذهب البصريين وهو أرجح.
وقال الفراء والزجاج والزمخشري: لفظه ومعناه الأمر -على ظاهره-، أحسِن ليس في الصورة أمراً وفي المعنى ماضياً، بل هو لفظاً ومعنى فعل أمر. لفظه ومعناه الأمر، وفيه ضمير مستتر أحسِنْ بزيدٍ فاعل ضمير مستتر وجوباً، وبزيدٍ، زيدٍ هذا مفعول به على الأصل، والباء زيدت للتعدية.
فموضع مجرورها نصب على المفعولية، ثم قيل: مرجع الضمير أين هو؟ إذا قيل: أحسِن بزيدٍ، أين مرجع الضمير؟ اختلفوا على قولين: