إذن: ما أفعل، ما أحسن زيداً .. قلنا (ما) هذه مبتدأ وهي اسم بالإجماع، واختلفوا في معناها على أربعة مذاهب، والأصح مذهب سيبويه أنها نكرة تامة، وأحسن فيه قولان: فعل ماضٍ، اسم .. والصواب: أنه فعل وفيه ضمير مستتر يعود إلى (ما) وهو دليل اسميتها، وزيداً مفعول به، لا نقول: منصوب على التشبيهه بالمفعول كما هو شأن الكوفيين.

وأما الصيغة الثانية وهي: أفعِل به، فهذه أجمعوا على فعلية أفعِل –بالإجماع-؛ لأن صيغة أفعِل لا نظير فيها في الأسماء، وإنما هي مثل أكرِم، أكرم فعل أمر، حينئذٍ له نظير. وأما الصيغة الثاني فأجمعوا على فعلية أفعِل؛ لأن صيغته لا تكون إلا لفعل، ثم اختلفوا، بعد الإجماع الأول.

فقال البصريون: وإن كان لفظه لفظ الأمر (أحسِن)، إلا أنه ليس بأمر، وإنما هو فعل ماضٍ جاء على صورة الأمر، قال البصريون: لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر، وكما يأتي العكس ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ)) [البقرة:228] جاء بلفظ الخبر والمراد به الأمر، وهنا جاء بلفظ الأمر والمراد به الخبر .. كل منهما يأتي بمعنى الآخر، ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ)) [البقرة:228] يعني: ليتربصن؛ لأن هنا حكم واجب، حينئذٍ دل بصيغة يَتَرَبَّصْنَ وهي صيغة الخبر على الأمر، إذن كل منهما يأتي في مقام الآخر، وهذا بحث في علم البيان. ومعناه الخبر وهو في الأصل ماضٍ على صيغة أفعَل، يعني كأن الأصل في أفعِل به هو ما أحسَن زيداً.

وهو في الأصل ماضٍ على صيغة أفعَل، بمعنى: صار ذا كذا، ولذلك قلنا: أَوْفَى الهمزة هنا للنقل، وَأَصْدِقْ الهمزة للصيرورة. والمراد على صيغة أفعَل، حينئذٍ الهمزة هنا للصيرورة، هي أفعِل بخلاف أفعَل، أَوْفَى .. حينئذٍ تكون للنقل.

على صيغة أفعَلَ، بمعنى صار ذا كذا، أغد البعير أي: صار ذا غدة، أورق الشجر أي: صار ذا ورق، أثمر البستان أي: صار ذا ثمر، أزهر البستان أي: صار ذا زهر، أترب زيد أي: صار ذا متربة يعني: حاجة ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015