قال رحمه الله: المراد بالعمل عمل النصب على طريقة المفعول به، وأما عمل الرفع أو عمل نصب آخر، كالحال مثلاً. كالحال فلا يتوقف على ذلك الحد، كما أن اسم الفاعل هكذا.

عَلَى الْحَدَّ الَّذِي قَدْ حُدَّا

عَلَى الْحَدَّ: يعني كائناً على الحد، على الشرط.

عَلَى الْحَدَّ: متعلق بعمل، عملُ على الحد، أو بما تعلق به الخبر، أو حال من ضمير متعلق. يجوز فيه ثلاثة أوجه: كائن لها على الحد .. حالة كونها عَلَى الْحَدَّ وهو متعلق بالمحذوف، أو متعلق به على أنه حال.

عَلَى الْحَدَّ الَّذِي قَدْ حُدَّا: الألف للإطلاق، والمراد به بعض الشروط.

عَلَى الْحَدَّ الَّذِي قَدْ حُدَّا له في بابه من وجوب الاعتماد على ما ذكر سابقاً.

وَوَلِيَ اسْتِفْهَاماً أَوْ حَرْفَ نِدَا ... أَوْ نَفْياً أَوْ جَا صِفَةً أَوْ مُسْنَدَا

ولو قُرنت بـ (أل) .. سيأتي أنها تعمل مطلقاً قرنت بـ (أل) ودون (أل). على الصحيح من أنها مع الصفة المشبهة حرف تعريف، يعني: حتى لو قيل بأنها حرف تعريف فتعمل ولو كانت (أل) داخلة عليه، وأما إذا قيل بأنها موصولة فلا إشكال فيه.

وترك اشتراط الحال أو الاستقبال؛ لأنه لا يتجه فيها مع كونها للدوام المتضمن للحال والاستقبال. لم يشترط الناظم هنا إذا جعلناه مقيد بقوله: (لِحَاضِرِ) لم يشترط أن تكون بمعنى الحال أو الاستقبال لعدم تصور ذلك فيها؛ لأنها إنما تكون لمطلق الزمن، وإذا كانت لمطلق الزمن حينئذٍ دخل فيها الحال والاستقبال ضمناً لا أصالة، وبقي من الشروط: ألا تصغر ولا توصف على القول بهما.

إذاً:

وَعَمَلُ اسْمِ فَاعِلِ الْمُعَدَّى ... لَهَا عَلَى الْحَدَّ الَّذِي قَدْ حُدَّا

أشار بهذا أنه يثبت لهذه الصفة عَمَلُ اسْمِ الفَاعِلِ المتعدي وهو الرفع والنصب، الرفع والنصب ليس لكونها أشبهت اسم الفاعل، هذا في الرفع، وأما النصب ففيه تفصيل: إن كان المراد به أن المنصوب على التشبيه بالمفعول به فهذا حملاً لها على اسم الفاعل، وإن كان غير ذلك كالحال والمستثنى وظرف الزمان والمكان والمفعول معه حينئذٍ نقول: لا، وإنما لما فيها من معنى الفعل.

نحو: (زيدٌ حسنٌ الوجهَ) ففي (حسن) ضمير مرفوع هو الفاعل، ورفعه لكونه دالاً على ذات وصفة، وهذا الشأن في المشتقات. (حسنٌ) نقول: صفة مشتقة دالة على ذات وصفة. و (الوجهَ) منصوب على التشبيه بالمفعول به، هذا حملاً لها على اسم الفاعل، وقيل: على التشبيه بالمفعول به لا على أنه مفعول؛ لأنها مأخوذة من فعل لازم قاصر والفعل اللازم لا ينصب، ولذلك وُضع الحكم لها صورة لا حقيقة. لأن (حسناً) شبيه بـ (ضاربٍ) فعمل عمله.

وأشار بقوله: (عَلَى الْحَدَّ الَّذِي قَدْ حُدَّا) إلى أن الصفة المشبهة تعمل على الحد الذي سبق في اسم الفاعل وهو أنه لا بد من اعتمادها كما أنه لا بد من اعتماده، ولم يذكر الزمن لما ذكرناه.

وَسَبْقُ مَا تَعْمَلُ فِيهِ مُجْتَنَبْ ... وَكَوْنُهُ ذَا سَبَبِيَّةٍ وَجَبْ

هذا من الفوارق أيضاً بين الصفة المشبهة واسم الفاعل، ولشدة الالتباس بينهما اجتهد النحاة في ذكر الفوارق أكثر من العمل؛ لأنه يلتبس، لأنه إذا استعملت فعْل وفعيل وفعَل السابقة في اسم الفاعل يحتاج إلى نظر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015