من الفوارق بينهما: أنه ما عملت فيه يمتنع أن يتقدم عليها، بخلاف اسم الفاعل. (أنا زيداً ضاربٌ) جائز، (أنا ضاربٌ زيداً). (أنا زيداً ضاربٌ) هذا يجوز أن يتقدم معمول اسم الفاعل .. منصوبه عليه، وأما الصفة المشبهة فيمتنع، يمتنع أن يتقدم عليها معمولها على تفصيل سيأتي.

وَسَبْقُ: هذا مبتدأ، وهو مضاف.

و (مَا تَعْمَلُ فِيهِ): (مَا) اسم موصول بمعنى الذي في محل جر مضاف إليه، واقعة على الصفة المشبهة. سبقُ الذي تعمل فيه .. تعمل الصفة المشبهة فيه وهو المعمول مُجْتَنَبْ، وفي نسخة: يجتنب بصيغة الفعل، بخلاف اسم الفاعل؛ فإنه يتقدم عليه منصوبه إلا إذا كان بـ (أل) أو مجروراً بإضافة أو حرف جر غير زائد.

إذاً: اسم الفاعل يتقدم عليه منصوبه إلا إذا كان محلىً بـ (أل)، فلا يصح: (أنا زيداً الضاربُ) لأن معمول الصلة لا يتقدم عليها كما سبق مراراً. (أل) لا يعمل ما بعدها في ما قبلها، إذاً: (أنا زيداً الضاربُ) هذا يمتنع أن يتقدم عليه؛ لأن ما بعد (أل) الموصولة لا يعمل فيما قبلها، وكذلك إذا جر بإضافة نحو: (هذا غلامُ قاتلٍ زيداً) هذا سبق معنا أن المضاف والمضاف إليه كالموصول مع صلته، فكما أنه لا يتقدم معمول الصلة على صلته لا يتقدم معمول المضاف إليه عليه ولا يتوسط بينهما، حينئذٍ: (غلامُ قاتلٍ زيداً) أو (هذا غلامُ قاتلٍ زيداً) لا يصح أن يقال: (هذا زيداً غلامُ قاتلٍ) بتقديم المعمول عليه لما ذكرناه سابقاً.

وكذلك: (مررت بضاربٍ زيداً) لا يصح أن يقال: (مررتُ زيداً بضاربٍ) إلا إن جر بحرف جر زائد فيجوز؛ لأن حرف الجر ليس أصلياً، يعني: لم يدخل من أجل تحديد المعنى.

فإن جر بحرف جر زائد نحو: (ليس زيدٌ بضاربٍ عمْراً) جاز التقديم فتقول: (ليس زيدٌ عمْراً بضاربٍ) ومنع ذلك المبرد.

إذاً: في غير هذه الثلاث الأنواع يجوز أن يتقدم معمول اسم الفاعل عليه، وهذه الثلاث قلنا: ألا يكون محلى بـ (أل) .. دخلت عليه (أل).

ثانياً: ألا يكون مضافاً إليه، (هذا غلامُ قاتلٍ زيداً) يمتنع للعلة التي في الأول.

ثالثاً: ألا يكون مجروراً بحرف جر أصلي، فإن جر بحرف جر زائد جاز أن يتقدم عليه، وأما الصفة المشبهة فيمتنع.

وَسَبْقُ مَا تَعْمَلُ: يعني الصفة المشبهة.

فِيهِ: في المعمول مجتنب. سبق: مبتدأ، ومجتنب: هذا خبر.

أي: أنها تخالف اسم الفاعل في شيئين:

الأول: أن معمولها لا يتقدم عليها، أي: بحق الشبه باسم الفاعل، يعني: المعمول الذي أعملت الصفة المشبهة بحق شبهها باسم الفاعل لا يتقدم عليها، وأما من جهة كونها لما فيها من معنى الفعل فيتقدم عليها، على التفصيل السابق:

وَعَمَلُ اسْمِ فَاعِلِ الْمُعَدَّى لَهَا

حينئذٍ نقول: يثبت لها ما يثبت لاسم الفاعل، فالذي نصبه اسم الفاعل هو الذي تنصبه ولا يتقدم عليها، فإذا نصبت لا بشبهها باسم الفاعل كالحال حينئذٍ يجوز أن تتقدم الحال، ومنع ذلك الرضي.

وكذلك التمييز، وكذلك إذا تعلق بها جار ومجرور على معنى الفعل لا على كونها أشبهت اسم الفاعل، يجوز أن يتقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015