إذاً: (عَلَى الْحَدَّ الَّذِي قَدْ حُدَّا) أي: على الشروط السابقة، هذا ظاهر النظم، لكن نخصصه بقوله: (لِحَاضِرِ) وحينئذٍ: (عَلَى الْحَدَّ الَّذِي قَدْ حُدَّا) على بعض الشروط السابقة، وألحق بعضهم ألا تصغر وألا توصف بناءً على أن اسم الفاعل لا يعمل إذا صغر أو وصف، وسبق الخلاف فيه.
وَعَمَلُ اسْمِ فَاعِلِ الْمُعَدَّى لَهَا: ما هو عَمَلُ اسْمِ فَاعِلِ الْمُعَدَّى؟ النصب؛ لأن الشروط السابقة قلنا: في الظاهر إنما تشترط في عمل النصب كما ذكره غير واحد، لا في عمل الرفع. إذاً: الصفة المشبهة تعملُ الرفعَ. هل عملها الرفعَ لكونها أشبهت اسم الفاعل أو لما فيها من معنى الفعل؟ هل الصفة المشبهة تعمل الرفع بناءً على حملها على اسم الفاعل أو لما فيها من معنى الفعل؟ الثاني؛ لأنها إنما تعمل عمل اسم الفاعل النصب فحسب، وأما الرفع فلا، فلذلك كل منصوب غير ما نصب في الصفة المشبهة غير ما نصب على التشبيه بالمفعول أو التمييز؛ فعمل الصفة المشبهة بناءً على ما فيها من معنى الفعل، وما هو معنى الفعل؟ كونها دالة على حدث وزمن، فإذا كان كذلك إذا نصبت الحال أو تعلق بها جار ومجرور الحال لا يكون إلا لما فيها من معنى الفعل، وكذلك الجار والمجرور قد يكون لما فيها من معنى الفعل، وقد يكون حملاً لها على اسم الفاعل.
إذاً: عَمَلُ اسْمِ فَاعِلِ الفعل الْمُعَدَّى لواحد لَهَا أي: ثابت لها، ثابت لها صورةً، قيل: صورةً. لماذا صورةً؟ يعني: في الصورة فحسب لا في الحقيقة. نحن نقول: (حسنٌ الوجهَ) قالوا: هذا كضاربٌ زيداً، لكن نأتي نقول: (ضاربٌ زيداً حسنٌ الوجهَ) الوجهَ لم يقولوا مفعولاً به، قالوا: على التشبيه بالمفعول به, لماذا؟ لأن (حسن) وهو صفة مشبهة لا يؤخذ إلا من القاصر اللازم والقاصر لا ينصب مفعولاً، فحكموا على منصوب الصفة المشبهة إذا كان معرفة أنه مشبه بالمفعول به؛ لأنه لا يكون مفعولاً به، لو جعلناه مفعولاً به حقيقة حينئذٍ لزم أن تكون الصفة المشبهة مأخوذة من متعدي، وهذا فساد ليس بصحيح.
إذاً نقول: (عَمَلُ اسْمِ فَاعِلِ الْمُعَدَّى لَهَا) أي: ثابت لها في حالة النصب صورةً، بمعنى: أن المنصوب لها إنما حملت فيه على اسم الفاعل فنصب، وأما اسم الفاعل فينصب مفعولاً حقيقة؛ لأن ثَمَّ حدث تعدى فوقع على المفعول به، وأما هنا (حسنٌ الوجهَ) ليس عندنا حدث تعدى إلى مفعول فوقع عليه. إذاً: فرق بين المسألتين.
وَعَمَلُ اسْمِ فَاعِلِ الْمُعَدَّى لَهَا: أي ثابت لها.
عَمَلُ: هذا مبتدأ، وهو مضاف. و (اسْمِ) مضاف، و (فَاعِلِ) مضاف إليه، و (الْمُعَدَّى) هذا مضاف إليه.
لَهَا: أي ثابت لها، جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر.
قال ابن هشام: المراد بالعمل عمل النصب على طريقة المفعول به، وأما عمل الرفع أو عمل نصب آخر فلا يتوقف على ذلك الحد كما أن اسم الفاعل هكذا، بمعنى: أن الصفة المشبهة إذا نصبت غير المشبه بالمفعول به فليست بكونها أشبهت اسم الفاعل، يعني: لا من حيث كونها صفة مشبهة باسم الفاعل، بل من حيث كونها ما اشتملت عليه من معنى الفعل. فرفعها لا لكونها أشبهت اسم الفاعل وخفضها لا لكونها أشبهت اسم الفاعل، وإنما في حالة النصب فحسب.