والأصل: حسنٌ وجههُ، ومنطلقٌ لسانهُ، وطاهرٌ قلبهُ. انظر: (حسنٌ وجهه) أراد به ماذا؟ ليشير أن قوله: (حسنَ الوجهِ) أصل الوجه أنه فاعل، وأن الفاعل في الأصل مسند إليه فهو مرفوع (حسنٌ الوجهُ، حسنٌ وجههُ)، حينئذٍ لما أريد الإضافة لا بد أن تقدر أن أصل هذا التركيب: (حسنٌ وجههُ) أسند إلى فاعل في اللفظ، ثم حذفته وأسندت (حسن) إلى الضمير الموصوف ثم جئت بالفاعل في اللفظ وجعلته مضافاً إليه فهو فاعل في المعنى باعتبار الأصل.

حسنٌ وجههُ، ومنطلقٌ لسانهُ، منطلقُ اللسان. وطاهرٌ قلبهُ، فوجههُ: مرفوع بـ (حسن) على الفاعلية، ولسانهُ: مرفوع بـ (منطلق)، وقلبهُ مرفوع بـ (طاهر)، وهذا لا يجوز في غيرها من الصفات، فلا تقل: (زيدٌ ضاربٌ أبي عمْراً) تريد: (ضاربٌ أبوهُ عمْراً) ولا (زيدٌ قائمُ الأبِ غداً) تريد: (زيدٌ قائمٌ أبوهُ غداً).

وقد تقدم أن اسم المفعول يجوز إضافته إلى مرفوعه، فتقول: (زيدٌ مضروبُ الأبِ) حينئذٍ خرج عن كونه اسم مفعول، فصار صفة مشبهة، وهذا على القاعدة المطردة: اسم الفاعل الأصل فيه لا يكون إلا على زنة فاعل، إلا إذا أُضيف وقصد به الثبوت حينئذٍ صار صفة مشبهة. واسم المفعول كذلك، ومُفعِل ومُفعَل كذلك، وحينئذٍ كل الصفات التي ذكرها في الباب السابق هي صفات مشبهة.

فإذا جاء اللفظ (حسن) فالأصل لا نقول: (حاسن) أنه أراد به الحدوث، أنه حدث بعد أن لم يكن لا بد من قرينة تدل على هذا. وهو حينئذٍ جار مجرى الصفة المشبهة؛ لأنه دال على الدوام حينئذٍ.

وَصَوْغُهَا مِنْ لاَزِمٍ لِحَاضِرِ ... كَطَاهِرِ الْقَلْبِ جَمِيلِ الظَّاهِرِ

ذكر في هذا البيت ثلاث فوارق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل، وجعله الأشموني عطفاً على قوله: (جَرُّ فَاعِلِ)، وَصَوْغُهَا: معطوف عليه من باب تمام الحد .. التعريف، وهذا فيه نظر، لماذا؟ لأن صوغها من لازم واجب، وجرها للفاعل مستحسن، وهذا محل إشكال.

صِفَةٌ اسْتُحْسِنَ جَرُّ فَاعِلِ واسْتُحْسِنَ صَوْغُهَا مِنْ لَازِمٍ؛ هذا محل إشكال، بل الصواب: أن صَوْغُهَا مِنْ لَازِمٍ واجب، لا تصاغ البتة من الفعل المتعدي، وحينئذٍ الأولى أن نجعل ما سبق علامة، ولا نجعله حداً ونتكلف في الأبيات القادمة كلها معطوفة على التعريف من باب تمامه، بل نقول: ما سبق علامة وفارق بين النوعين وذَكر علامة أخرى، وَصَوْغُهَا: مبتدأ، استئناف كلام جديد، علامة أخرى.

وَصَوْغُهَا: نقول: هذا مبتدأ، والضمير يعود إلى الصفة المشبهة.

وَصَوْغُهَا مِنْ لاَزِمٍ لِحَاضِرِ

مِنْ لاَزِمٍ: هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر، تقديره: واجب، حينئذٍ من أين أخذنا المحذوف الذي هو خاص؟ نقول: من سياق الكلام؛ لأنه معلوم أن صَوْغُهَا مِنْ لَازِمٍ يكون واجباً، إذاً: صَوْغُهَا مِنْ لَازِمٍ، لو قدرنا (مِنْ لَازِمٍ) متعلق بـ (صوغ) قلنا: لا فائدة جديدة، وإنما نجعله متعلقاً بمحذوف والمحذوف هذا خاص دل عليه المقام، فنقول: صَوْغُهَا واجب مِنْ لَازِمٍ.

وقوله: (لِحَاضِرِ) متعلق بواجب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015