صار منها وانطلق عليه اسمها، وإن كان متعدياً فالجمهور على منع ذلك فيه فلا استحسان، وإنما قيد الفاعل بالمعنى؛ لأنه لا تضاف الصفة إليه إلا بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوفين. وهذا كما ذكرناه سابقاً. فلم يبقَ فاعلاً إلا من جهة المعنى، وأما في اللفظ فلا، وهذا ليس له وجود، لم ينقل في لسان العرب صفة مشبهة أسندت إلى الفاعل ثم نقل إسناد نفس اللفظ إلى المضاف، وإنما هذا من باب جري القواعد على سنن واحد فقط؛ لأن الفاعل لا يكون إلا مسند إليه فكيف تقول: طَاهِرِ الْقَلْبِ والْقَلْبِ هذا فاعل وليس عندنا إسناد؟ انتفى الأصل، (وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعِلٌ) لا بد من إسناد ومسند إليه، حينئذٍ نقول هنا: أضيفت الصفة إلى الفاعل في المعنى بعد أن أضيفت إليه أسندت إليه في اللفظ، وحصل التحويل، والتحويل هذا في الذهن فقط لا وجود له في الخارج.

صِفَةٌ اسْتُحْسِنَ جَرُّ فَاعِلِ ... مَعْنًى بِهَا الْمُشْبِهَةُ اسْمَ الفَاعِلِ

مُشْبِهَةَ اسْمِ بالجر والنصب، يجوز الوجهان.

مُشْبِهَةُ اسْمَ الفَاعِلِ في أنها تدل على حدث ومن قام به، وأنها تؤنث وتثنى وتجمع، ولذلك حملت عليه في العمل كما ذكرناه سابقاً.

اسْتُحْسِنَ جَرُّ فَاعِلِ: فهم من قوله: (اسْتُحْسِنَ) أن ذلك موجود في اسم الفاعل، اسْتُحْسِنَ جَرُّ فَاعِلِ أن ذلك موجود في اسم الفاعل إلا أنه غير مستحسن، وهو كذلك، نحو: كاتبُ الأبِ، وفيه خلاف، ومذهب الناظم جوازه.

وفهم منه أيضاً .. من قوله: (جَرُّ فَاعِلِ) أن الجر بها غير لازم، بل يجوز فيه النصب والرفع كما سيأتي:

فَارْفَعْ بِهَا وَانْصِبْ وَجُرَّ.

إذاً هنا قال: (جَرُّ فَاعِلِ) ولم يذكر الرفع والنصب، هل معنى ذلك أن الصفة المشبهة لا تعمل إلا الجر؟ لا، ليس كذلك، بل ترفع وتنصب وتجر.

إذاً: (اسْتُحْسِنَ جَرُّ فَاعِلِ) دل على أمرين: أن اسم الفاعل يجر، ولكنه غير مستحسن، استحسن جر الفاعل مع جواز الرفع والنصب، إذاً: الجر ليس لازماً.

قال الشارح: قد سبق أن المراد بالصفة ما دل على معنىً وذات، وهذا يشمل اسم الفاعل واسم المفعول وأفعل التفضيل والصفة المشبهة، وذكر المصنف: أن علامة الصفة المشبهة .. جعله علامة لا تعريف، وإن كان الأشموني وغيره جعلوه تعريف، والأولى ألا يجعل تعريف؛ لأنه لو جعل تعريفاً لورد عليه النقد بما ذكرناه سابقاً، وإنما يجعل علامة في الجملة من الفوارق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل، ولا إشكال فيه.

أن علامة الصفة المشبهة: استحسان جر فاعلها بها، نحو: حسنُ الوجهِ، ومُنطلقُ اللسان، وطاهر القلب. انظر الأمثلة: منُطلق هذا في الأصل اسم فاعل، لكنه لما قصد به الاستمرار .. لسانه دائماً منطلق؛ حينئذٍ أضيفت إليه. وطَاهِرِ الْقَلْبِ كذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015