إذا كانت (من) التي لبيان الجنس، بياناً لمعرفة قلنا الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال، وإذا كان لنكرة حينئذٍ قلنا الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة؛ لأن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، وكذلك ما كان في قوة الجملة.
إذن فَيَسْتَحِقُّ مَا: الذي، فيستحق ما ذكر، (مَا) اسم موصول بمعنى الذي مفعول به، ولهُ هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول، مِنْ عَمَلِ بيان له.
فَيَسْتَحِقُّ مَا لهُ مِنْ عَمَلِ، يعني الذي له، لاسم الفاعل، فيستحق ما ذكر من فعَّال وما عطف عليه مَا لهُ ما لاسم الفاعل من عمل، فيرفع وينصِب، لكن بالشروط السابقة.
وَفِيْ فَعِيلٍ قَلَّ ذَا وَفَعِلِ، قَلَّ ذَا، قَلَّ: فعل ماضي، وذَا: اسم إشارة وهو فاعل؟ ما هو ذا؟ المشار إليه ما هو؟ وَفِيْ فَعِيلٍ قَلَّ ذَا، هل هو الإبدال، أم العمل؟ وَفِيْ فَعِيلٍ قَلَّ ذَا وَفَعِلِ الإعمال.
فَيَسْتَحِقُّ مَالهُ مِنْ عَمَلِ، قلنا فِي كَثْرَةٍ هذا محتمل، يحتمل نوعين، واحد من أمرين: إما أن يراد به الكثرة المعنوية، حينئذٍ يكون إبدال فاعل إلى فعَّال ومِفعال وفعُول كثير، أكثر من إبدال فاعل إلى فعيل وفَعِل، هذا إذا أردنا به المعنى، وإذا أردنا به العمل حينئذٍ نقول فِي كَثْرَةٍ يعني فعَّال وما عطف عليه إعماله .. إعمال اسم الفاعل أكثر من إعمال فعيل وفعِل، فيحتمل هذا وذاك.
وإذا قلنا أن كثرة الظاهر المراد بها العمل، حينئذٍ: وَفِيْ فَعِيلٍ قَلَّ ذَا الذي هو الإعمال، وإذا أردنا به الإبدال، حينئذٍ قلنا: وَفِيْ فَعِيلٍ قَلَّ ذَا الذي هو الإبدال، وفسره بذلك أظن الصبان، أي الإبدال عن فاعل الكثرة، مع بقاء العمل، هي كلها تعمل، لا شك في ذلك.
فكلامه في فعيل وفعِل المحولين عن فاعل؛ لأن فعيل قد يكون محولاً عن فاعل، وقد لا يكون، متى لا يكون إذا كانت صفة مشبهة، هذا سيأتي معنا، وكذلك فعِل كحذر هذا غير محول، والمراد هنا فعيل وفعِل المحولين، وهذا يعرف بالسياق. لا في نحو خبير وبصير، ونحو فرح وأشر، مما وضع من أول الأمر على فعيل وفعل، ولم يكن محولاً عن شيء، فإنه من الصفة المشبهة، وإلا هي تعمل عمل اسم الفاعل.
فَعَّالٌ أَوْ مِفْعَالٌ اوْ فَعُولُ
فَيَسْتَحِقُّ مَالهُ مِنْ عَمَلِ ... فِي كَثْرَةٍ عَنْ فَاعِلٍ بَدِيلُ
................................
فَيَسْتَحِقُّ مَالهُ مِنْ عَمَلِ يعني قبل التحويل بالشروط المذكورة السابقة، وَفِيْ فَعِيلٍ هذا جار ومجرور متعلق بقوله قَلَّ، وقَلَّ ذَا فِيْ فَعِيلٍ، وَفَعِلِ معطوف على فعيل، يفيد أن جميع الأمثلة الخمسة تعمل قياساً وهو الأصح، ما هو هذا؟ قوله: فَيَسْتَحِقُّ مَالهُ مِنْ عَمَلِ، يَسْتَحِقُّ إذا كان مستحقاً حينئذٍ صار القياس فيه أن يعمل، إذا كان مستحقاً لذاته، صار القياس فيه أن يعمل، يفيد أن جميع الأمثلة الخمسة تعمل قياساً وهو الأصح.