إذن: أما رفعه الفاعل، فذهب بعضهم إلى أنه لا يرفع الظاهر، وقيل يرفعه وهو ظاهر كلام سيبويه، قال السيوطي: وهو الأصح، لكن بشرط الاعتماد، وحينئذٍ فشرط عمل الرفع في الظاهر الاعتماد لا كونه بمعنى الحال أو الاستقبال، هذا على رأي السيوطي، لا كونه بمعنى الحال أو الاستقبال.
وأما المضمر أي البارز، فحكى ابن عصفور الاتفاق على أنه يرفعه وحكي المنع، البارز الضمير يعني أضاربٌ أنت؟ هل يرفعه مطلقاً ولو كان بمعنى الماضي، ولم يعتمد؟ حكى ابن عصفور الاتفاق على أنه جائز، وحُكِيَ المنع.
وأما المستتر فيرفعه بلا خلاف، إذن للنصب لا بد من تحقق شرطين، للرفع دون النصب لا يشترط تحقق الشرطين، وشرط السيوطي الاعتماد دون الحال أو الاستقبال، وأما البارز وحينئذٍ لا يشترط لا هذا ولا ذاك، وأما المستتر فيرفعه بلا خلاف .. على هذا التفصيل.
إذن الظاهر والله أعلم أن تحقيق الشرطين إنما هما للنصب فحسب، وأما ما عداه فلا ... .
وَوَلِيَ اسْتِفْهَاماً أَوْ حَرْفَ نِدَا
وَقَدْ يَكُونُ نَعْتَ مَحْذُوفٍ عُرِفَ ... أَوْ نَفْياً أَوْ جَا صِفَةً أَوْ مُسْنَداَ
فَيَسْتَحِقُّ الْعَمَلَ الَّذِي وُصِفْ
(قَدْ) هذه للتقليل، وإن شئت قل: للتحقيق، لا بأس، لكن الظاهر أنه للتقليل، وَقَدْ يَكُونُ اسم الفاعل نَعْتَ مَحْذُوفٍ عُرِفَ، هذا تعميم لقوله: أَوْ جَا صِفَةً، يعني الموصوف قد يكون مذكوراً كما ذكرناه سابقاً، وقد يكون محذوفاً.
وكونه نعتاً لمحذوفٍ لا يمنع كون اسم الفاعل عاملاً فيما بعده، وقد يكون اسم الفاعل نَعْتَ مَحْذُوفٍ عُرِفَ، عُرِفَ يعني: معروف؛ لماذا؟ وهذا قيد لبيان الواقع فحسب لأنه لا يحذف إلا بقرينة، أما ما لا يعرف بعد الحذف فلا يجوز حذفه مطلقاً وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ، ومن المضرة له أن لا يعلم وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ، إذن ما لا يعلم لا يجوز حذفه.
وَقَدْ يَكُونُ نَعْتَ مَحْذُوفٍ، يَكُونُ هو، نَعْتَ هذا خبر يكون إذن يكون هذه ناقصة، ونَعْتَ مضاف ومَحْذُوفٍ مضاف إليه، وعُرِفَ مغير الصيغة والجملة في محل جر نعت لمَحْذُوفٍ، يعني أن اسم الفاعل يأتي معتمداً على موصوف محذوف، ما الحكم؟ فَيَسْتَحِقُّ الْعَمَلَ الَّذِي وُصِفْ، يَسْتَحِقُّ يعني يثبت له، الْعَمَلَ كما استحقه ما هو صفة لمذكور.
إذن لا فرق بين الصفة لمذكور أو صفة لمحذوف، ما دام أن اسم الفاعل وقع صفة عمل مطلقاً، سواء كان الموصوف مذكوراً ملفوظاً به مَرَرَتُ بِرَجُلٍ ضَارِبٍ، أو كان الموصوف محذوفاً، لكن لا بد أن يكون معروفاً.
فَيَسْتَحِقُّ وهذه عاطفة على ما سبق، يَسْتَحِقُّ اسم الفاعل المعتمد على نعت محذوف الْعَمَلَ الَّذِي هذا نعت للعمل، وُصِفْ مع المنعوت الملفوظ به، الَّذِي وُصِفْ أين وصف لك؟ في قوله: وَوَلِيَ اسْتِفْهَاماً أوْ حَرْفَ نِدَا، أوْ جَا صِفَةً، هذا الذي وصف لك، مطلقاً سواء كان الموصوف مذكوراً أو محذوفاً. قد يعتمد اسم الفاعل على موصوف مقدَّر فيعمل عمل فعله كما لو اعتمد على مذكور.