إذن: ضارباً بكراً نقول ضارباً هذا مفعول ثالث، وبكراً ليس مفعولاً رابعاً، لأن أعلم هذه تتعدى إلى ثلاثة، فبكراً مفعول لضارباً؛ لأن المفعول الثالث في باب أعلم قلنا هو الخبر في الأصل، والمفعول الثاني هو المبتدأ، والمفعول الأول هو الفاعل.
إذن أَوْ مُسْنَدَا يشمل ما كان مسنداً لمبتدأ أو لما أصله المبتدأ، إن ولي اسم الفاعل واحداً من هذه الست، مع دلالته على الحال أو الاستقبال، حينئذٍ يعمل، وهل هذه شروط لإيجاب العمل؟ أم لجوازه؟ لجوازه.
يعني يجوز أن تقول: ما ضاربٌ زيدٌ عمراً، ما ضاربُ زيدٍ عمراً، يجوز الإضافة ويجوز عدم الإضافة.
فإن تخلف شرط من هذين لم يعمل، بأن كان بمعنى الماضي خلافاً للكسائي، فلا تقول: أنا ضاربٌ زيداً أمسِ، كما سبق، أو لم يعتمد على شيء مما سبق خلافاً للكوفيين والأخفش، ولذلك سبق: يَجُوزُ نَحْوُ فَائِزٌ أُولُو الرَّشَدْ، فَائِزٌ هل اعتمد على شيء؟ لا، هذا مذهب الأخفش والكوفيين، فلا يجوز ضاربٌ زيداً أمس، ضارب هكذا دون أن يعتمد على شيء لا يصح، هذا اجتمع فيه تخلف .. ضاربٌ زيداً أمس، تخلف الشرطان؛ لأن ضارب هنا لم يعتمد على شيء، لم يل استفهاماً ولا نفياً ولا نداء ولا ولا الخ، وكذلك جاء بمعنى الماضي. إذن: ضاربٌ زيداً أمسِ تخلف فيه الشرطان، وعلى مذهب الكسائي إذا جوز عدم الاعتماد جائز؛ لأن الماضي عنده يعمل، وإذا قيل في مذهب الكوفيين أنه لا يشترط فيه الاعتماد، حينئذٍ يعمل، إذن ليس متفق عليها.
فلا يجوز ضاربٌ زيداً أمسِ لانتفاء الشرطين الاعتماد وكونه لغير الماضي، وهذا الخلاف بين الجمهور والكسائي في عمل الماضي دون (أل) بالنسبة إلى لمفعول به. يعني الخلاف هل يعمل وهو ماضي أو لا؟ وهل يعمل إذا اعتمد أو لا؟ خلاف في عمل الماضي في المفعول به، يعني في عمل النصب، وإن كان ظاهر كلام الناظم الإطلاق؛ لأنه قال كَفِعْلِهِ اسْمُ فَاعِلٍ فِي الْعَمَلِ، مطلقاً.
إِنْ كَانَ عَنْ مُضِيِّهِ بِمَعْزِلِ، في العمل سواء رفع ولم ينصب أو نصب ولا بد وأن يرفع، فهو مطلق، ولكن ظاهر كلام كثير من النحاة أن هذين الشرطين إنما هما للنصب فحسب، وأما الرفع فلا. وهذا الخلاف بين الجمهور والكسائي في عمل الماضي دون (أل) بالنسبة للمفعول به.
وأما رفعه الفاعل فذهب بعضهم إلى أنه لا يرفع الفاعل؛ لأنه يشترط فيه ما اشترط في النصب، لا يرفع الظاهر، وقيل يرفعه وهو ظاهر كلام سيبويه، يعني ولو كان بمعنى الماضي.
قال السيوطي: - وهو الأصح - يعني يرفع الظاهر ولو لم يعتمد، ولو لم يكن بمعنى الحال أو الاستقبال. قال السيوطي - وهو الأصح – لكن بشرط الاعتماد، إذن منهم من أطلق، ومنهم من اشترط الشرط الثاني دون الأول.
إذن هل يعمل اسم الفاعل ماضياً؟ نقول ليست المسألة محل وفاق، جمهور النحاة على المنع، وبعضهم فصَّل: إن اعتمد جاز، وإن لم يعتمد فلا، وهذا الذي رجحه السيوطي، ومنهم من منعه مطلقاً، وهو قول الجماهير.