يعني: قد يُضاف المصدر إلى ما بعده؛ لأنه يعملُ مُضَافاً أَوْ مُجَرَّداً أَوْ مَعَ أَلْ، وهو اسمُ، والأصلُ في كل اسم أنه يقبلُ الإضافة، وهذا لا يمنع مِن إضافته مانع، حينئذٍ إذا أُضيف إلى ما بعدَه فإن احتاجَ إلى منصوب كمِّله، يعني أضفْه ثم انصبْ ما بعده على أنه معمول للمصدر، أو إن احتاج إلى مرفوع كذلك كمّله، حينئذٍ قد يُضاف إلى المفعول ويحتاج إلى الفاعل، قد يُضاف إلى الفاعل ويحتاج إلى المفعول، فما أُضيف إليه وافتقرَ إلى الآخر سواء كان فاعلاً فيرفع أو مفعولاً فينصب.
كَمِّلْ هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، لكن ليسَ هذا مراد الناظم وإنما المراد الإباحة، يعني إن أردتَ التكميل .. تكميل إعمال المصدر المفتقر إلى الفاعل ارفعه بعد إضافته إلى ما بعدَه، وإذا افتقرَ وأردتَ تكميله بالمنصوب حينئذٍ بعدَ إضافته إلى ما بعده انصب، كمل إن أردتَ التكميل فالأمر للإباحة لا للوجوب، لماذا؟ لأنه يجوزُ أن يضاف للفاعل ولا يذكر معه مفعول، والعكس، قد يُضاف إلى الفاعل ولا نحتاج للمفعول، (عجبتُ من ضرب زيد) انتهينا، (عجبتُ من ضرب زيدٍ) ضرب مصدر، أُضيف إلى فاعله، حينئذٍ ما نحتاج إلى المفعول، (عجبتُ من ضرب زيدٍ عمراً) كملته، هذا جائز ليس بواجب، إلا في حالة واحدة وذلك فيما إذا كان (ضرب زيد) معروفاً بينك وبين المخاطب، حينئذٍ لا بُد من ذكر المفعول به لا يجوزُ حذفه؛ لأنه لا تحصلُ الفائدة التامة إلا بذكرِ المفعول، لو عرفت أنك ضربت .. أعرف أنك ضربت، فجئتَ تقول: ضربتُ؛ هل حصلت الفائدة؟ لم تحصل الفائدة التامة، حينئذٍ نقول: لا بُد من ذكر الفضلة هنا، وهذا الذي ذكرَه الصبان أنه ما افتقرَ من الفضلات تعينَ فصار داخلاً في الإسناد وما لا فلا، يعني ما لم يكن مُفتقراً إليه في الفائدة حينئذٍ لا يدخل، وهذا مسألة خلافٍ بين النحاة، أكثرُ النحاة .. جماهير النحاة على أن الفضلات كلها ليست داخلة في حقيقة الإسناد .. في الكلام، والظاهرُ كلام الصبان أولى، أنه إن افتقرَ الكلام إليه حينئذٍ لا بُدّ من ذكره، وإن لم يفتقر حينئذٍ يجوزُ حذفه ويجوز ذكره، فإذا كان ثم عِلمٌ بضربك زيد .. بإيقاع الضرب منك ولم يعلم المفعول به حينئذٍ تعينَ ذكر المفعول وإلا لا داعي لذكر المسند والمسند إليه.
(كَمِّلْ بِنَصْبٍ أَوْ بِرَفْعٍ) كمل هذا إباحة؛ لأنه قد يجوزُ ذكر الفاعل ويحذف المفعول والعكس بالعكس؛ لأنه في هذا المقام يجوزُ حذف الفاعل كما ذكرناه سابقاً، أن مِن الفوارق بين المصدر وفعله أنه يجوزُ حذف الفاعل مطلقاً.
وَبَعْدَ جَرِّهِ يعني جرّ المصدر.
(الَّذِي) .. هذا مثال طبق القاعدة هو فيه، جَرِّهِ (جرّ يجر جرّاً) مصدر، أضافَه إلى الهاء بعد جرّ المصدر، أضافه إلى الفاعل الهاء يعود على المصدر وهو فاعل.