(الَّذِي أُضِيفَ لَهْ) الذي هذا مفعول به للمصدر، إذن كملنا بعد الإضافة نصبنا، وهذا تقعيدٌ أو مثال لما ذكرَه، وَبَعْدَ جَرِّهِ أي جرّ المصدر الَّذِي أُضِيفَ لَهْ: يعني المضاف إليه. الذي أُضيف المصدر إليه، كَمِّلْ بِنَصْبٍ إن كان مضافاً إلى الفاعل، إن أُضيف إلى الفاعل كمّله بنصب يعني للمفعول به، (أَوْ) هذه مانعة خلوّ فتُجَوِّزُ جمعاً، بِرَفْعٍ إن كان مضافاً إلى المفعول؛ لأنك إذا كمّلته بالنصب معناهُ أنه أُضيف إلى المرفوع .. الفاعل، وإن كمّلته بالرفع معناهُ أنه أُضيف إلى المفعول، (بِرَفْعٍ عَمَلَهْ) عَمَلَهْ مفعول لكمل، وبنصب لكمل وعمله، يحتمل هذا ويحتمل ذاك.

نقول للمصدر المضاف خمسة أحوال: الأول: أن يُضاف المصدر إلى فاعله، ثم يأتي مفعوله، هذه حال وهذا كثير جداً، ومنه قوله تعالى: ((وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ)) [البقرة:251] هذا واضح، ولولا أن يدفعَ اللهُ الناسَ، إذن (دفعُ) مصدر، وهو مبتدأ والدليل: وَبَعْدَ لَوْلاَ، بعد (لولا) لا يكون إلا مبتدأ.

إذن (دفعُ) نقول مبتدأ وهو مصدر، أُضيف إلى لفظ الجلالة، لفظ الجلالة في المعنى فاعل، وأما في الاصطلاح ليس بفاعل؛ لأن الفاعل لا يكون إلا مرفوعاً هذا الأصل فيه، ((لَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ)) [البقرة:251] (الناس) مفعول به، إذن بَعْدَ جَرِّهِ .. جرّ المضاف وهو (دفعُ) لفظ الجلالة على أنه فاعل له.

(كَمِّلْ بِنَصْبٍ) وهو المفعول به، فقلت: الناسَ، (لَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ).

إذن الحالة الأولى: أن يُضاف إلى فاعله، ثم يأتي مفعوله.

الثاني عكسُه: أن يُضاف إلى المفعول ثم يُذكر الفاعل، عكس الأول، وهو أقل: (أعجبني شربُ العسلِ زيدٌ)، (أن يشرب العسل زيد)، (شرب العسل) هذا من إضافة المصدر إلى مفعوله، زيد بالرفع على أنه فاعل، هاتان الصورتان هي التي نص عليها الناظم

كَمِّلْ بِنَصْبٍ، هذا في الحالة الأولى.

أَوْ بِرَفْعٍ: وهذه الحالة الثانية.

وهل هذه الحالة مخصوصة بالشعر؛ حالة الضرورة أم أنها تجوزُ في النثر؟ هذا محلّ خلاف، والصواب أنها ليست خاصة بالضرورة.

ففي الحديث {وحجّ البيتِ مَن استطاع إليه سبيلاً} كمثال وإلا فيه نظر، {حِج البيت مَن استطاع} البيت محجوج إليه وهو مفعول به، مَن استطاع: المستطيع فاعل، لكن هذا فيه نظر من حيث الشرع، وأن يحجّ البيت المستطيع، لكنه قليل .. الثاني قليل، ولذلك الأول أكثر، والصواب هناك: ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)) [آل عمران:97] مَن استطاع بدلٌ من الناس؛ لئلا يجب الحجّ على كل مستطيع؛ لأنك لو جعلته فاعلاً لأوجبتَ الحجّ على كل مستطيع، وهذا ليس بوارد، هل كل مستطيع يجبُ عليه الحج؟ ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ)) [آل عمران:97] مَن استطاع فاعل، إذ أعربناه حينئذٍ يجبُ أن يحجّ البيتَ المستطيعُ، وهذا مخالِف للشرع، لا يجب الحجُ على كل مُستطيع، قد يكون حجّ سابقاً، وقد يكون ثم عذر آخر، على كل هذا كمثال فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015