وحقُّ المصدر أن يَتضمّن حروف فعله بمساواة، هذا الأصل فيه، توضّأ توضؤاً .. مثله، تكلّم تكلماً، تعلّم تعلُّماً، فرِحَ فرحاً، أشر أشراً، الأصل فيه أن يكون مُساوياً لفعله. وبزيادة، قد يزيد عليه نحو: أعلمَ إعلاماً زادَ عليه المدة، وهذا لا إشكال فيه، يزيدُ لكن لا ينقص، والحكم هنا في كونه اسمَ مصدر إذا نقصَ ولم يُعوّض أو يُنو، أما الزيادة فهي ثابتة، حينئذٍ قد يكون مُساوياً للفعل في الحروف مثل: فرِحَ فرحاً، وتكلّمَ تكلُّماً، وقد يكون بزيادة وهذه الزيادة تختلف، نحو: أعلمَ إعلاماً، فإن نقصَ عن فعله، فإن عُوّض عن الناقص أو قُدّر فيه فمصدر وإلا فاسم مصدر.

إذن اسمُ المصدر ما ساوى المصدر في الدلالة على معناه، الذي هو معنى المصدر وهو الحدث، وهذا يُؤوّل بأنه دلَّ على الحدث بواسطة المصدر، حينئذٍ باعتبار النتيجة هو مساوٍ، لكن باعتبار الطريق يختلفُ، لأن المصدر دلَّ على الحدث مُباشرة، واسم المصدر دلَّ على الحدث بواسطة المصدر، فلا إشكال فيه، النتيجة واحدة كلّ منهما دلَّ على الحدث، فاسمُ المصدرِ مساوٍ للمصدر في الدلالة على الحدث، هذا التعبيرُ لا إشكال فيه، على القول الثاني، ونُفصّل بأن المصدر دلَّ على الحدث مُباشرة بدون واسطة، وأما اسمُ المصدر فدلَّ على الحدث بواسطة المصدر، فمُسمّى (عطاء إعطاء)، و (إعطاء) مُسمّاه الحدث نفسه، وسبقَ معنا مراراً في أول الكتاب أن مُسمى اللفظ قد يكون لفظاً، زِيد كلمة، كلمة مُسماها هنا لفظ زيد، زيد اسم .. اسم هذا لفظ مُسمّاه لفظ آخر، واسم المصدر كذلك، اسمٌ مُسمّاه المصدر، حينئذٍ مُسمّى المصدر الحدث، إذن مُسمّى المسمى الحدث، فيكون هو مُسمّى الأصل، وهو اسم المصدر.

وخالفَه بخلوّه لفظاً وتقديراً معاً، يعني فإن خلا منه لفظاً لا تقديراً فهو مصدر، مِن بعض .. لا بد أن يكون بعض، لو كان كل هذا ما يُتصوّر، ما في فعله دون تعويض، يعني ما في فعله من الحروف الأصلية أو الزائدة دون تعويض، يعني لم يُعوّض ولم يُنوَ، ولم يُنوَ أشارَ إليه بقوله: خلا منهما لفظاً وتقديراً، فإن خلا لفظاً لا تقديراً فهو مصدر، إن خلا لفظاً وتقديراً وعُوّض عنه حينئذٍ هو مصدر، ولا يكون اسم مصدر إلا إذا حُذِف أحدُ الحروف ولم يُعوّض عنه ولم يُنوَ، فنحكمُ عليه بأنه اسم مصدر.

لكن إن كان مدلولُه لا الحدث كما في الكحل والدهن لا نحكم عليه بأنه مصدر أو اسم مصدر؛ لأنه يُشترطُ فيهما سواء كان بواسطة أو مباشرة أن يكون مدلوله الحدث، فأمّا إذا كان مدلولُه الذات حينئذٍ لو وافقَ الحروف .. حروفَ الفعلِ نقول: لا يُسمّى مصدراً ولا اسم مصدر.

قال: وَلاِسْمِ مَصْدَرٍ عَمَلْ، إذن اسم المصدر وهو ما نقصت حروفُه -بالشروط السابقة- عن فعله نحكم عليه بأنه يعملُ عملَ فعله، والحكمُ فيه كالحكم في المصدر تعدياً ولزوماً باختصار، فإن كان لازماً فاسمُ المصدر يرفعُ ولا ينصب، وإن كان مُتعدياً بحرف عُدِّي اسم المصدر بالحرف الذي تعدّى به ذلك الفعل، وإن كان يتعدّى إلى اثنين فكذلك، وثلاثة كذلك.

ومن إعمال المصدر قوله:

أَكُفْراً بَعْدَ رَدِّ الْمَوْتِ عَنِّي ... وَبَعْدَ عَطائِكَ الْمِئَةَ الرِّتاعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015