وذلك نحو (قتال) فإنه مصدر (قاتلَ) وقد خلا من الألف التي قبل التاء في الفعل، لكن خلا منها لفظاً ولم يخلُ منها تقديراً، يعني: منوياً، ولذلك نُطِق بها في بعض المواضع .. هذا هو الدليل على أنها منوي، إذا لم يُوجَد لا ما نحكم هكذا من رؤوسنا، نقول: حرف محذوف وهو مَنوي! لا. لا بدّ أن يدلَّ دليلٌ .. يعني بأن سُمِع في لسان العرب تصريحٌ بها أصالة، ولو حكمنا عليه بأنها شاذّ أو أنها ضعيف، أو أنها خلاف الأصل أو القياس المطرد.
أو ببدنه كما هو الياء هنا في قيتال، ولذلك نُطِق بها في بعض المواضع نحو: قاتل قيتالاً وضارب ضِيراباً، الياء هذه مُنقبلة عن الألف؛ لأنه مكسور ما قبله، فهذا مصدر لا اسم مصدر.
واحترزَ بقوله: دون تعويض مما خلا مِن بعض ما في فعله لفظاً وتقديراً، ولكن عُوّض عنه شيء .. حرف، حينئذٍ لا يكون اسم مصدر، بل هو مصدر على الأصل، وذلك نحو (عِدَة) فإنه مصدر (وَعد) فعل، (عدة)، أينَ الواو؟ حُذِفت في المصدر، (عِدة) فِعلَة، حينئذٍ نسألُ: أينَ الواو؟ محذوفة؟ كيف هي محذوفة وعدة مصدر، والأصلُ في المصدر أن لا ينقصَ من حروف فعله ولا حرفاً لا زائداً ولا أصلياً، نقول هنا حُذِف وعُوّض عنه التاء، وإذا عُوّض عنه التاء حينئذٍ صارَ كالموجود، إذن لم ينقص حرفٌ لأنه عُوّض عن المحذوف.
وقد خلا من الواو التي في فعله وهو وَعَدَ لفظاً وتقديراً ولكن عُوّض عنها التاء، فهو مصدر لا اسم مصدر، بخلاف الوضوء والكلام من قولك: (توضّأ وضوءاً) توضّأ تفعّل، تفعُّلاً هذا المصدر، (توضأ وضوءاً) أين الواو؟ أين التاء؟ محذوفة.
(تكلّم كلاماً) أصله تكليماً، أين التاء وأين التضعيف؟ هذا نقَص.
بخلافِ الوضوء والكلام من قولك: توضّأ وضوءاً، وتكلّم كلاماً، فإنهما اسما مصدر؛ لأنه حُذِف التاء منهما وحُذِف التضعيف، ولم يُعوّض عنهما شيء ولم يُنويا، فحينئذٍ حكمنا عليهما بكونهما اسمي مصدر.
فهما اسما مصدر لا مصدران، لخلوهما لفظاً وتقديراً مِن بعض ما في فعلهما، وهو التاء وأحد حرفي التضعيف، وأما المدة التي قبل الآخر قتال، كلام .. المدة التي قبل الآخر فليست للتعويض بدليل ثبوتها في المصدر، حيث لا تعويض كالانطلاق والإكرام، هذه ألف المصدر كما سيأتي، وَمَا يَلِي الآخِرُ مُدَّ وَافْتَحَا، مُدَّ انطلقَ انطلاقاً، انكسَرَ انكساراً، استغفَرَ استغفاراً .. المدة هذه مدّة المصدر، موجودة في اسم المصدر وموجودة في المصدر، إذن ليست للتعويض.
كالانطلاق والإكرام والاستخراج، فعُلِم من ذلك أن العِوض قد يكون آخراً وقد يكون أولاً، يعني قد يُحذَف حرفٌ من الفعل، ولا يُوجَد في المصدر ثم يُعوّض عنه حرف آخر إما في أوله وإما في آخره، والتعويض كما يكون في الآخر يكون في الأول والعكس بالعكس.