الإعراب: هو الانتقال، وهذا أمر معنوي، والذي دلنا على وجوده هو الفتحة، مررت بزيد، حصل انتقال من النصب إلى الجر، فحينئذٍ نقول: الانتقال هو الإعراب، والذي دلنا على أنه انتقل من حالة النصب إلى حالة الجر هو الكسرة، وهذا تكلف وتعسف، والصحيح أن يقال بأنه لفظي؛ لأن الأصل في الكلام العربي أنه متعلق باللفظ، ولذلك نقول: الكلام: هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، فحينئذٍ إذا كان الإعراب يميز المعاني الفاعل عن المفعول .. عن المضاف .. عن المضاف إليه إلى آخره، إذا كان هذا وظيفة الإعراب أن يميز حينئذٍ الأصل أن يكون ماذا؟ أن يكون شيئاً ظاهراً أو معنوياً ثم يحتاج إلى دليل؟

نقول: جعلها أمراً ظاهرياً هذا هو الأولى وهو الأليق، وهو الأحكم، ولذلك مذهب البصريين: أن الإعراب لفظي، فحينئذٍ نفس الضمة هي إعراب، ونفس الفتحة هي إعراب، ونفس الكسرة هي إعراب، ونفس السكون هو إعراب.

بخلاف مذهب الكوفيين فالإعراب الرفع شيء ودليله الضمة، والنصب شيء ودليله الفتحة، إلى آخره، وإذا أردنا أن نُعَرِّفَهُ على أنه لفظي نقول: أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة أو ما نُزِّلَ منزلته، هذا هو التعريف المشهور عند البصريين: أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة، إن وقفت إلى هنا لا بأس، وإن زدت: أو ما نزل منزلته، أو ما هو كالآخر، أيضاً هذا لا بأس، ما المراد بالأثر؟ المراد بالأثر الحركة أو الحرف أو السكون أو الحذف، أثر لأننا نقول الإعراب شيء ينطق، وما الذي ينطق هنا؟ ضمة حركة أو فتحة أو كسرة، أو حرف: زيد أبوك .. المسلمون قائمون .. نطقنا بالنون، ونطقنا هناك بالواو المسلمون.

إذاً: الإعراب نفسه حرف، أو سكون: لم يضرب .. لم يلد، هنا نطقنا بالسكون وإن كان هو عدم، أو حذف: لم يقوما، هذا الأثر مركب من أربعة أشياء، إذاً: إما أن يكون حركة، وإما أن يكون حرفاً، وإما أن يكون سكوناً، وإما أن يكون حذفاً، ثم كل منها .. من هذه الأربعة إما أن يكون ظاهراً أو مقدراً، يعني: ظاهراً يلفظ به وينطق به، وإما أن يكون مقدراً، ولذلك الإعراب قسمان:

إعراب ظاهر: وهو ما يظهر وينطق به، وإعراب تقديري، وهذا سيأتي بحثه عند قوله:

وَسَمِّ مُعْتَلاًّ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا ... كالْمُصْطَفى ..

قوله ظاهر: المراد به موجود، ليس المراد أنه يلفظ به؛ لأن السكون والحذف لا يلفظ بهما، أليس كذلك؟ لم يضرب: عدم .. لم يقوما: حذفت النون، لم تنطق بحذف وإنما سكت، فحينئذٍ نقول: قوله: ظاهر، أي: موجود؛ لأن السكون والحذف غير ملفوظ بهما، وإن تعلقا بملفوظ من أجل إدخال السكون والحذف، أو مقدر، أي: معلوم مفروض الوجود، جاء الفتى، نقول: الفتى: فاعل، ورفعه ضمة مقدرة على آخره، أين الضمة؟ موجودة أو معدومة؟ معدومة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015