إذاً: التقدير نقول: هو عدم في الأصل، ولكنه منوي في القلب، إذاً: المراد بالمقدر أنه معدوم مفروض الوجود، يعني: مقدر في القلب وجوده، فتنوي الضمة، ورأيت الفتى: تنوي الفتحة، ومررت بالفتى، تنوي: الكسرة، حينئذٍ مرد التقدير إلى النية، ولذلك ذكر السيوطي أن حديث: {إنما الأعمال بالنيات} في -منتهى الآمال- أنه يشمل أيضاً مسائل من فن النحو، ولأنه باعتبار النية، رأيت الفتى، قد لا يكون مراداً، لكن عند الأصوليين قاعدة، وهي: أن غير المقصود، هل هو داخل تحت لفظ العموم أو لا؟ ما لا يطرأ على ذهن المتكلم، هل هو داخل في لفظ العموم أو لا؟ هذه بسطناها، قلنا: لا، الصواب أنه داخل، فحينئذٍ لا بأس أن يستدل بهذا الحديث على مثل هذه المسائل، وخاصةً إذا تعلق بها حكم شرعي.

إذاً: أثر ظاهر أو مقدر، أي: معدوم مفروض الوجود يجلبه العامل، يعني: يطلبه العامل ويقتضيه؛ لأن العامل إذا كان يقتضي مرفوعاً على الفاعلية، حينئذٍ إذا سلط على اسم صلح أن يكون فاعلاً رفعه، جاء، نقول: هذا عامل فعل، وهو ماذا؟ يقتضي فاعلاً، يعني: يطلب فاعلاً؛ لأنه حدث، وكل حدث لا بد له من فاعل، إذاً: إذا دخل على زيد نقول: جاء، هذا يطلب فاعلاً، فإذا ركب معه لفظ زيد رفعه على أنه فاعل له، هذا معنى: يجلبه، يعني: يطلبه ويقتضيه، يقتضي هذا الأثر الحركة، أو الحرف أو السكون أو الحذف، لماذا؟ من أجل أن يتمم معناه، إذ العامل إنما يعمل من أجل أن يكمل معناه، فجاء لوحده دون أن يرفع فاعلاً لا معنى له.

وضربت زيداً: ضربت تعدى إلى الفاعل، وورد الكلام، رفع، إذاً: تمم معناه، ثم الكمال إنما يحصل بنصبه للمفعول، فلذلك يقتضي رفع فاعل ونصب مفعول لتمام المعنى؛ لأنه فعل متعدٍ بخلاف جاء.

يجلبه العامل، أي: يطلبه ويقتضيه، وليس المراد أنه يحدثه بعد أن لم يكن، هذا إذا قيدناه بهذا المعنى ورد علينا إشكال في باب الأسماء الستة والمثنى وجمع المذكر السالم، هناك تقول: أبوك، لفظ، قبل التركيب لا إعراب ولا بناء، أبوك بالواو، ثم تقول: هذا أبوك، هذا: مبتدأ، وأبوك: خبر مرفوع ورفعه الواو، الواو مجودة قبل التركيب، وهي عينها بعد التركيب، هل العامل هذا الذي هو المبتدأ الذي اقتضى ماذا؟ اقتضى أبوك أن يرفعه على أنه خبر له، فرفعه بالفعل، ثم رفع بالواو؛ لأنه من الأسماء الستة، هل الواو وجدت بعد أن لم تكن؟ لا، هي موجودة قبل دخول العامل، إذاً: ماذا صنع العامل؟ أثبتها كما هي وجعلها علامة إعراب، يعني: قبل دخول المبتدأ أبوك، نقول: أبوك أصله: أبو وأضيف إلى الكاف، أصلها: أبٌ وأبٌ هذه محذوفة الواو، لما أضيف رجعت الواو أبوك، هذه الواو لها جهة واحدة فقط، وهي كونها لام الكلمة فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015