وإما أن يكون الفاصلُ بين المصدر والمضاف إليه ظرفَه كقول بعضهم: (تَرْكُ يَوْماً نَفْسِكَ وهَوَاهَا)، (تَرْكُ نَفْسِكَ يَوْماً) هذا الأصل، والمضاف إلى مصدر نصبَ يوماً على الظرفية، ففصلَ بين المضاف والمضاف إليه وهو المصدر الظرف (تَرْكُ يَوْماً نَفْسِكَ وهَوَاهَا).

الثانية: أن يكونَ المضاف وصفاً، إذن المسألة الأولى: متى يُفصل بين المضاف والمضاف إليه؟

أن يكون المضاف مصدراً، ثم قد يُفصل بمفعوله، وقد يُفصل بظرفه، بمفعوله مثل: (((قَتْلُ أَوْلادَهَمْ شُرَكَائِهِمْ))) [الأنعام:137] شركائهِم بالكسر على أنه مضاف إليه، و (قتلُ) هذا المضاف وهو المصدر، و (أولادَهم) بالنصب على أنه مفعول به للمصدر الذي هو المضاف، فُصلَ بين المصدر (قتل) وبين (شركائهم) بالمفعول به أولادهم، إذن: هل هو أجنبي؟ لا ليس بأجنبي، لأنه معمول للمضاف، المنصوب والمجرور معمولان للمضاف، أولادهم منصوب بقتل وهو مضاف، (شركائهم) مجرور بالمضاف.

إذن له جهتان: كونه مصدراً نَصب، وكونه مضافاً جَرّ، هذا واضح.

كذلك بالظرف (تَرْكُ يَوْماً نَفْسِكَ وهَوَاهَا).

المسألة الثانية: أن يكونَ المضاف وصفاً، والمضاف إليه إما مفعوله الأول والفاصل مفعوله الثاني، يعني يفصلُ بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول الثاني فيما إذا أُضيف المضاف إلى مفعوله الأول، وهذا مثلُ قراءةِ بعضهم (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ) أين المضاف؟ مُخْلِفَ، أخلفَ، هذا يتعدّى إلى اثنين، (مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ) مخلف رسله وعدَه هذا الأصل، أُضيف مخلف إلى رسل وهو المفعول الأول، وعده هو المفعول الثاني.

إذن فُصلَ بين المضاف وهو مخلف والمضاف إليه وهو رسله، بالمفعول الثاني وهو وعدَه.

وما نوعُ المضاف هنا؟ اسم فاعل وصف، وهو يتعدّى إلى اثنين.

إذن: أن يكونَ المضافُ وصفاً، والمضاف إليه إما مفعوله الأول، والفاصل مفعوله الثاني، كقراءة بعضهم: (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ)، وقوله: (وَسِوَاكَ مَانِعُ فَضْلَهُ المحُتاجِ ... ) مانع المحتاج فضله، حينئذٍ فصلَ بين المضاف والمضاف إليه وهو المفعول الأول لمانع بالمفعول الثاني.

أو ظرفه كحديث: "هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي"، تاركو صاحبي لي، هذا أصل التركيب، ففصلَ بين المضاف وهو تارك، وهو وصفٌ، وبينَ صاحبي الذي هو المضاف إليه بالظرف الذي هو (لي) يعني جار ومجرور يتوسع فيه.

وقوله: (كَنَاحِتِ يَوْماً صَخْرَةٍ بِعَسِيلِ ... ).

ناحتٍ يوماً، وصخرة هذا هو المضاف إليه، إذن المسألة الثانية التي يجوزُ في سعة الكلام أن يكونَ المضاف وصفاً، ثم هذا الوصف قد يتعدّى إلى اثنين فيُضاف إلى الأول ويكون الفاصل هو المفعول الثاني، وقد يكون الظرف كما في الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015