وقد شملَ كلامُ الناظم في البيت السابق جميعَ ذلك، كل الذي ذكرناه داخل في قوله: فَصْلَ مُضَافٍ شِبْهِ فِعْلٍ، شبه الفعل يشملُ المصدرَ واسمَ الفاعل، مَا نَصَبْ الذي نصبه، مَفْعُولاً أَوْ ظَرْفاً، ومثّلنا للنوعين، قد يكونُ الفاصلُ المفعول وقد يكون الفاصلُ الظرف (قَتْلُ أَوْلادَهُمْ شُرَكَائِهِمْ) هذا الفاصل مفعول، (تَرْكُ يَوْماً نَفْسِكَ) هذا الفاصل الظرف.
إذن هذه داخلة كلها في كلام الناظم في قوله: شِبْهِ فِعْلٍ.
الثالثة: أن يكون الفاصل قسَمَاً، وقد أشار إليه بقوله: وَلَمْ يُعَبْ فَصْلُ يَمِينٍ.
يُعَبْ: فعل مضارع مغير الصيغة مجزوم بلم، وجزمُهُ سكون آخره، فَصْلُ: نائب فاعل، وهو مضاف و (يَمِينٍ) مضاف إليه، وهو مضاف إلى فاعله، (فصلُ) مصدر أُضيف إلى فاعله، أن يفصلَ اليمينُ المضافَ، هذا التقدير: أن يفصل اليمينُ -يمينُ القسم- المضافَ، كقولك: (هذا غلامُ واللهِ زيدٍ) فصلتَ بين غلام وزيد بالقسم وهو قولك: والله. حكى ذلك الكسائي.
هذه كلها جائزة في سعة الكلام.
إذن: فَصْلَ مُضَافٍ شِبْهِ فِعْلٍ مَا نَصَبْ مَفْعُولاً أَوْ ظَرْفاً أَجِزْ، تقدير البيت أجز .. جوازاً في سعة الكلام، في نثر الكلام لا يعيب عليك أي أحد، أجز فصل مضاف، يعني أن يفصلَ بين المضاف والمضاف إليه المفعول والظرف، بشرطِ أن يكونَ المضاف شبه فعل، والمراد بشبه الفعل المصدر واسم الفاعل، وسواء كان الفاصل بين المضاف والمضاف إليه هو المفعول أو الظرف، وكل منهما معمول للمضاف، حينئذٍ النتيجة لن يفصل بين المضاف والمضاف إليه أجنبي، فإن كان أجنبياً صارَ شاذاً إلا في الضرورة، ولذلك قال: وَاضْطِرَاراً وُجِدَا بِأَجْنَبِيٍّ، أما ما ليسَ أجنبياً عن المضاف فيجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه.
ثم زاد المسألة الثالثة مما يجوزُ في سعة الكلام: وَلَمْ يُعَبْ، فَصْلُ يَمِينٍ. ولعله والله أعلم فصلَ بين المسألتين والثالثة أن القسمَ ليسَ معمولاً للمضاف، يعني المسألة الثالثة هذه ليست داخلة في قوله: شِبْهِ فِعْلٍ؛ لأنّ السابق .. الفاصل يكون معمولاً ليس أجنبياً، وأما هنا فالأصلُ أنه أجنبي هذا الأصل، لكن لكثرةِ استعمالِ العرب للقسَم حينئذٍ توسّعوا فيه: وَلَمْ يُعَبْ، فَصْلُ يَمِينٍ. بين المضاف والمضاف إليه.
وأما الأربع الباقية فتختصُّ بالشعر، ولقد أشارَ إلى ثلاث مسائل من ذلك:
الأولى: الفصل بأجنبي (وَاضْطِرَاراً وُجِدَا) وُجِدَا أي الفصل، والألف للإطلاق، وجد اضطراراً، هذا مفعول لأجله، وجدَ الفصل بين المضاف والمضاف إليه اضطراراً، يعني لأجل الاضطرار، وهذا دلَّ على أنه مفعول لأجله.
بِأَجْنَبِيٍّ: جار ومجرور مُتعلّق بقوله: وُجِدَا، والألف للإطلاق. بِأَجْنَبِيٍّ من المضاف، أَوْ بِنَعْتٍ، أَوْ نِدَا .. فالمسألة الأولى الفصل بالأجنبي، ويُعنى به معمول غير المضاف، يعنى بالأجنبي الفاصل بين المضاف والمضاف إليه أن يكون معمولاً، لكنه ليس معمولاً للمضاف بل معمولاً لغيره فصارَ أجنبياً عنه، لو كان العامل هو المضاف لقلنا هذا ليسَ بأجنبي هذا قريب، وأما إذا كان معمولاً لغيره هذا صار دخيلاً.
ويُعنى به معمول غير مضاف فاعلاً كان كقوله: