خير مالك: خير أيضاً نصب على أنه بدل، قيل: إنه بدل، لكنه ضعيف؛ لأن البدل في المشتق قليل جداً، بل حكى ابن هشام رحمه الله تعالى امتناعه، أنه يمتنع أن يعرب المشتق بدلاً؛ لأن خير هذا: أفعل التفضيل، أصله: أخير .. أفعل، كأكرم وأعلم، لكن لكثرة الاستعمال حذفت هذه الهمزة التي هي همزة أفعل:

وغالباً أغناهم خير وشر ... عن قولهم أخير منه وأشر

فالأصل: أخير وأشر، أليس كذلك؟ هذا هو الأصل، أفعل التفضيل، وحذفت الهمزة .. همزة أفعل التفضيل هنا في هاتين الكلمتين لكثرة الاستعمال.

أحمد ربي الله خير مالك، خير مالك: ربي: المراد به المربي، فهو حينئذٍ يكون مشتقاً، وخير مالك: خير: بمعنى أفضل؛ لأن الخيرية هنا ثابتة من حيث الذات ومن حيث الوصف، فهو خير مالك جل وعلا.

ابْنُ مَالِكِ: مالك الأول: هذا علم، ومالك الثاني: وصف، فإذا كتب مالك الذي هو العلم بالألف: مالك، حينئذٍ وقع الجناس التام اللفظي الخطي، وإن لم تكتب حينئذٍ وقع الجناس التام اللفظي لا الخطي .. إذا كتبت الألف في الأول فبين اللفظين جناس تام لفظي؛ لأنه ينطق به، مالك مالك، سواء كتبت الألف أم لا، فهذا جناس تام لفظي.

وإذا كتبت الألف في الأول الذي هو العلم، حينئذٍ نقول: هذا جناس تام لفظي خطي، وإذا لم تكتب فهو جناس تام لفظي لا خطي.

مُصَلِّياً عَلَى النَّبيِّ الْمُصْطفَى ... وآلِهِ المُسْتكْمِلِينَ الشَّرَفَا

مُصَلِّياً: هذا حال من فاعل أحمد، والأصل في الحال أنها مقارنة، وإذا كان كذلك حينئذٍ يلزم أن يحمدَ ويصلي في وقت واحد بآلة واحدة وهذا متعذر، يعني يقول: الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد في وقت واحد، في ثواني واحدة يمكن أو لا؟ لا يمكن، لا يمكن أن يكون مصلياً حال مقارنة لفاعل أحمد، لماذا؟ لأنه إذا قال: أحمد ربي، يعني: سيحمد بلسانه، فمورد الحمد هو اللسان، والصلاة موردها اللسان، إذاً: اتفقا في مورد واحد في وقت واحد، وهذا متعذر، ولذلك أولت إلى أنها حال مقدرة.

والحال المقدرة: هي التي يتأخر مضمونها عن مضمون عاملها، وقيل: بل مقارنة على الأصل، ومقارنة كل شيء بحسبه، فمقارنة لفظ للفظ وقوعه عقبه، رجعنا إلى الأصل وهو أنها حال مقارنة، هذا الأصل في الحال: أنها مقارنة، مقارنة للفاعل والعامل من حيث الفعل ومن حيث الوقت، هذا هو الأصل فيها، لكن هل مقارنة كل شيء لشيء لا بد وأن تكون معه في الوقت والآلات نفسها؟ الجواب: لا.

ولذلك في الفاء التي تفيد التعقيب هناك: تزوج زيد فولد له، فتدل على التعقيب، بمعنى: أنه تزوج فولد مباشرة، كتب الكتاب ولد العشاء له ولد، كذلك الفاء تدل على التعقيب، تعقيب الشيء بمعنى: وقوعه عقبه مباشرة هذا الأصل، لكن نقول: مقارنة كل شيء لشيء بحسبه، ووقوع الشيء بعد الشيء أيضاً بحسبه، فإذا تزوج فولد له لا بد أن يكون بين الزواج وبين الولادة ما يكون به الحمل والوطء، الوطء والحمل، ثم بعد ذلك تحصل الولادة، وأما مباشرةً فلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015