إذن: إذا لَمْ يَصْلُحِ الاَّ ذَاكَ الذي هو نيّة معنى مِن أو في، أي: بحسبِ القصد بأن أُريدَ بيان الظرفية أو الجنس، فلا يِرِد أن التي على معنى من أو في يصلح أن تكون على معنى اللام؛ لامُ الاختصاص، وهذا صحيح، إذا قيل كالمثال السابق هناك: ثوبُ خزٍّ، هذا يحتمل أنه على معنى اللام اختصاص، إذا لم يكن الثوب إلا مِن الخزّ، أو الخاتم إن لم يكن إلا من الحديد مثلاً، قد يحتمل أنه للاختصاص، فحينئذٍ نقول هنا: معنى من مُقدَّم؛ لأنه نواها فالقصد مُعتبَر. فلا يَرِد أن التي على معنى (من) أو معنى (في) يصلح أن تكون على معنى لام الاختصاص؛ لأنّ كلاً من الظرف والبعض يصلحُ فيه معنى لام الاختصاص، إذا قدَّرنا البعضية أو الظرفية صلحَ معها لامُ الاختصاص.

وقوله: لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ: أي: لأن لم يُرَد ما ذُكِر، يعني: لم يقصد معنى (من) أو معنى (في)، ولو احتملَ معنى اللام، فإذا لم يقصد معنى (من) أو (في) حينئذٍ رجعنا إلى الحالة الثالثة وهي تقديرُ اللام، فإن قصدَ معنى (من) فهو المعتبر، إن لم يقصد معنى (من) واحتمل (من) واللام حينئذٍ رجعنا إلى اللام.

وَاللاَّمَ خُذَا: أي: اجعل معنى اللام ملحوظاً فيما سوى ذينك، وليسَ المراد أن اللام مُقدَّرة في نظم الكلام، إذ قد لا يصلحُ لتقديرها نحو: "كل رجل قادم"، كل رجل: هذا لا يصح أن تنطق باللام، "غلام زيدٍ" يمكن أن تنطق باللام، أما كلّ رجل؟ كلٌ لرجلٍ: هذا ما يصح أن تفكّهُ وتأتي باللام. ركاكة.

فإن معنى اللام ملحوظ فيه؛ لأنه بمعنى أفراد الرجل ولا يصلح نظمُهُ لأن تُقدَّر فيه اللام، فلا يلزمُ صحة التصريح باللام، بل تكفي إفادةُ مدلولها، فقولك: يومُ الأحد، يوم للأحد؛ على معنى اللام، لكن لا يصلح أن تقدّر، كذلك: علمُ الفقه، علمُ النحو، هذه على معنى اللام، لكنها لا يصلح أن تُصرِّح بها، كذلك "شجر الأراك" بمعنى اللام الاختصاصية ولا يصح إظهارها البتة، محلُّ وفاقٍ هذا.

لأن الشأن هنا كالشأن في باب الظرف، الظرف هناك مع المظروف، الظرف قد يصلح أن تُصرّح بـ (في) وبعضها لا يصلح: في عندَك؟ لا يأتي هنا، مع أن (عندك) هذه ظرف، في عندِك؟ لا يصلح، لكن "يوم السبتِ": في يوم السبت صحت، إذن: المراد معنى (في)، وهنا كذلك المراد معنى (من) أو اللام.

وَانْوِ معنى مِنْ أَوْ معنى فِي إِذَا ... ... لَمْ يَصْلُحِ الاَّ ذَاكَ وَالّلامَ خُذَا

لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ.

ثم قال: وَاخْصُصْ أَوَّلاَ أَوْ أَعْطِهِ التَّعْرِيفَ بِالَّذِي تَلاَ: هذا شروعٌ منهُ في بيان قسمي الإضافة.

الإضافة تنقسمُ إلى قسمين .. هذا المشهور، وزِيدَ ثالث؛ زادَه ابن مالك، لكنه مردّه إلى المحضة. إما إضافة محضة معنوية، وإما إضافة غيرُ محضة لفظية، إما معنوية وإما لفظية هذا أوضحُ، معنوية: بمعنى أنها أثّرت في المعنى.

ثَم تعريفٌ أو تخصيصٌ حصلَ للمضاف من المضاف إليه، وأمّا اللفظية فليسَ ثم تعريف ولا تخصيص حصلَ بالإضافة .. لا هذا ولا ذاك.

وَاخْصُصْ أَوَّلاَ: مِن المتضايفين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015