إذن: ضابطُ الإضافة على معنى في أن يكون المضاف إليه ظرفاً للمضاف، إن انتفى كونها بمعنى (مِن) أو معنى (في) تعين أن تكون بمعنى اللام ولا ضابط لها. الضابط هو عدمي، هذا مثل علامة الحرف، ما لا يصلحُ معه دليل الاسم ولا دليل الفعل، ما لا يصلحُ هنا الإضافة معه دليل (من) الإضافة على معنى (من)، ولا دليل (في) فاحكم عليها بأنها على معنى اللام، أيُّ لام؟ اللام تأتي للانتهاء وتأتي للملك وتأتي للاختصاص وتأتي لشبه الملك، تأتي للاستحقاق، أيّ لام؟ قيل: اللامُ بمعنى الملك وشبهِهِ الذي هو الاختصاص. "دارُ زيدٍ"، هذا على معنى اللام، ملكية أو اختصاص؟ ملكيّة؛ لأن ما بعدَ اللام إذا قَدَّرتها يصح أن يكون مالِكاً.
طيب، باب الدار؟ اختصاص، إذن: نقول هنا: تقدر اللام سواء كانت ملكية أو غيره.
وَانْوِ معنى مِنْ أَوْ فِي إِذَا لَمْ يَصْلُحِ الاَّ ذَاكَ: لم يصلح إلا ذاك الذي هو الفاعل، الذي هو نية معنى (من) أو (في).
وَاللاَّمَ خُذَا لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ: واللام خذَن، الألف هذه بدلٌ عن نون التوكيد الخفيفة، واللامُ هذا مفعول به مُقدّم، وقلنا: هذا فيه محذور، وهو أنه لا يتقدّمُ معمول الفعل المؤكَّد إلا في الضرورة في مثل هذا المقام، والأصل: خذن اللامَ.
لِمَا سِوَى: لغير.
سِوَى ذَيْنِكَ: المُشارٌ إليه ذين، ذين هذا تثنية ذا، مجرور بإضافة إلى سوى إذا قلنا أنه مُعرَب، ومبني على النون إذا قلنا أنه مبني.
لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ: الذي هو معنى (مِن) أو (في).
إِذَا لَمْ يَصْلُحِ الاَّ ذَاكَ: حينئذٍ تنوي معنى (من) أو (في)، إذا لم يصلح إلا معنى (من) نويت معنى (من)، وإذا لم يصلح إلا معنى (في) نويت معنى (في).
اللاَّمَ خُذَا .. لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ: إذا لم يصلح لا (من) ولا معنى (في) حينئذٍ خذ اللام، سواء كانت ملكية أو اختصاصية، لِمَا: هذا جار ومجرور مُتعلّق بقوله خُذَا، يعني: قدّر، وما هذه موصولة، وسوى مُتعلّق بمحذوف صلة الموصول.
لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ: هل يشملُ الإضافة اللفظية، أم أنه خاصّ بالإضافة المعنوية؟ هذا مختلَف فيه، والجماهيرُ أن التقدير هنا خاصٌّ بالإضافة المحضة، وأما الإضافة اللفظية فليست داخلة.
قال: إِذَا لَمْ يَصْلُحِ الاَّ ذَاكَ: أي بحسبِ القصد، يعني: اعتبار النية مُعتبَر هنا؛ لأنه قد يحتمِل أن يكون التركيب صالحاً لأن يُجعَل على معنى في أو اللام، يصلح هذا أو ذاك، ماذا تصنع أنت؟ هنا إنما الأعمال بالنيات، إذا نَوى أن تكون على معنى في، حينئذٍ قلنا: هذا مُقدَّم؛ لأنه خاصّ وذاك عامّ، والخاص مُقدّم على العام، وإذا لم يقصد هذا أو ذاك واحتمل الأمرين، حينئذٍ نحملُهُ على العام، وهو معنى اللام.
إذن: إذا لَمْ يَصْلُحِ الاَّ ذَاكَ باعتبار مَن، المتكلم أم السامع؟ إن كان المتكلم خصَّ أحدَ المعنيين مع جوازِهما، حينئذٍ نقول: هو المعتبَر، ولذلك قيل: "حصيرُ المسجدِ"، هذا يحتمل أن تكون الإضافة على معنى (في) وعلى معنى اللام، إن قصد الإضافة على معنى (في) فهي مُقدّمة: "حصيرٌ في المسجد" جوّزَه الصبان، فحينئذٍ نقول: إذا قصدَ معنى (في) ونواها فهو مُقدّم، إذا لم ينوِ (في) عاملناه على معنى اللام.