أَوْ: هذا تقسيم، أَعْطِهِ: أعط الأول، التَّعْرِيفَ بِالَّذِي تَلاَ: هذا مُتنازَع فيه، واخصص أولاً بالذي تلا، بالذي: جار ومجرور مُتعلّق بقوله (أعطه)، جار ومجرور مُتعلّق بقوله اخصص؛ لأن التخصيص حصلَ بالذي تلا، تلا ماذا؟ تلا الأول، وهو المضاف إليه، وهنا حذَفَ الضمير، يعني: بالذي تلاه للعلم به " وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ "، إذن: بالذي تلاهُ يعني: المضاف إليه، واخصُص أولاً مِن المتضايفين الذي هو المضاف بالأول، متى؟ إذا أُضيفَ إلى نكرة، إذا أُضيفَ إلى نكرة المضاف .. وهو نكرة في الأصل، حينئذٍ نقول: يَكتسِبُ الأول من الثاني التخصيص، والمرادُ بالتخصيص تقليلُ الشيوعِ، أو إن شئتَ قل: تقليل الاشتراك.
أَوْ أَعْطِهِ التَّعْرِيفَ: التعريف معلوم والمراد به رفعُ الشيوعِ أو رفعُ الاشتراكِ، فالتخصيصُ المراد به التقليل، والتعريف المراد به الرفع: غلامُ زيدٍ، هنا "غلام" نكرة أُضيفَ إلى معرفة، حينئذٍ نقول: اكتسبَ "غلام" مِن الذي تلا أو بالذي تلا .. اكتسب التعريف، لماذا؟ لأنه أُضيفَ إلى معرفة، إذن: هذه الإضافة كوننا أضفنا الأول إلى الثاني حصلَ تغيير معنى، الأول غلام هو نكرة، حينئذٍ تعرف بالثاني، هذا أمر لفظي أو معنوي؟ أمر معنوي، لذلك سُمّيت إضافة معنوية محضة خالصة.
أوِ اخْصُصْ أوَّلاَ: بأن تخصّه بالثاني، يعني: تُقلّل الاشتراك، وذلك فيما أُضيف إلى نكرة، "غلامُ امرأة"، حصلَ تقليل أو لا؟ حصل؛ لأنك إذا قلت: "غلام" هذا يحتمل أنه لامرأة وأنه لرجل، فإذا قلت: "غلام امرأة" حصلَ له تقليل في الاشتراك، يعني: تخصيص، لماذا لم نقل بأنه حصل له رفع؟ لأنه صار مختص بالمرأة، وخرجَ الرجلُ هذا للتخصيص، لماذا لم نقل أنه تعريف؟ نقول: لأن "امرأة" هذا فيه إبهام إطلاق، مَن هي المرأة هذه؟ غلامُ امرأةٍ: هند، فاطمة، عائشة؟ يحتمل هذا وذاك. إذن فيه إبهام، وإنما حصلَ تقليلُ الاشتراك لأنه كان في جملةِ أفرادِ الذكور والنساء، فلما أخرجتَ جملةَ الذكور بقي جملةُ النساء إذا لم يحصل له التعريف.
اخْصُصْ: هذا أمر، والأمرُ يقتضي الوجوب، إن أُضِيف إلى نكرة، وفُهِم ذلك من ذكرِ المعرفة في المقابل؛ لأنه قال: وَاخْصُصْ أَوَّلاَ .. بالَّذي تَلاَ: ما قالَ إذا أضفتَه لنكرة، مَن أين أخذناه؟ أوْ أعْطِهِ التَّعْرِيفَ: لما قال التعريف، حينئذٍ علِمنا أنه أُضيف الثاني إلى المعرفة فاكتسبَ منه التعريف، وليس ثَم ما يقابل المعرفة إلا النكرة، هذا كقوله هناك: مَوْصُولُ الاَسْمَاءِ الَّذِي الأَُنْثى الَّتي، قلنا: الذي للمفرد المذكر، مِن أينَ أخذناه؟ لأنه قال: الأَُنْثى الَّتي، فبالمقابل، هنا قال: أوْ أعْطِهِ التَّعْرِيفَ، التعريف إنما يكتسب بالتعريف، إذن: إذا أضفته إلى معرفة. مقابل المعرفة هو النكرة. حينئذٍ بالمقابل.
وَاخْصُصْ أوَّلاَمن المتضايفين بالَّذي تَلاَ: يعني: بالمضاف إليه؛ بالذي تلاه.
إن أُضيف إلى نكرة، وفُهِم ذلك من ذكر المعرفة في قسيمه، وهو قوله: أوْ أعْطِهِ التَّعْرِيفَ، أعطه فعل أمر، أنت فاعل، والهاء مفعول به.