أو الأول فقط .. الذي هو كونه بعضاً من المضاف إليه: "يومُ الخميسِ"، هل اليوم بعضُ الخميس؟ لا، هل يصحّ الإخبار بالخميس عن اليوم؟ نعم، هذا اليومُ الخميسُ، صحّ الإخبار به عنه.
إذن: فُقِد الشرط الأول، أو الثاني فقط: يدُ زَيدٍ، هذه يدُ زَيدٍ، مضاف ومضاف إليه، اليدُ بعضُ زيدٍ، لكن هل يصح ّالإخبار بزيد عن اليد؟ لا، إذن: في هذه الأحوال الثلاثة، فيما إذا فُقِد الشرطان، أو الأول -وهو البعضية- أو الثاني -وهو صحة الإخبار- حينئذٍ نقول: الإضافة هنا لا على معنى من، بل يتعيّنُ أن تكون على معنى اللام إذا لم يُوجَد فيها ما يقتضي أن تكون على معنى (في)، بل هي على معنى لام الملك أو الاختصاص، ونَقَل في الهمع –السيوطي في همع الهوامع- نقل عن ابن كيسان والسيرافي أنهما لا يشترطان صحةَ الإخبار، بل اكتفيا بكون المضافِ بعضاً، والجمهورُ على الأول، يعني: عندَ السرافي وابن كيسان لا يَشترِطان صحة الإخبار، وإنما يَكتفيان باشتراط أن يكون المضاف بعضاً من المضاف إليه.
إذن: "يَدُ زيدٍ" على مذهب ابنِ كيسان على معنى (مِن)؛ لأن المضاف بعضٌ مِن المضاف إليه، فإذا كان بعضاً صحَّ أن تكون على معنى (مِن)، ولو لم يصحّ الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف، حينئذٍ نقول: على هذا المذهب: "يد زيد" هذه إضافة على معنى (من)، والصواب هو الأول، وهو ما عليه الجمهور.
إذن: وَانْوِ (مِنْ)، هذا مفعول به قُصِد لفظه على تقدير مضاف، وانوِ معنى (مِن)؛ لأنه ليس المراد انوِ لفظ (من)، لا، وإنما المراد معنى (من)، حينئذٍ لابد من تصحيح المعنى ليستقيم التركيب، وانو معنى (من).
أَوْ: للتخيير هذه أو التنويع والتقسيم؟ للتنويع والتقسيم. إذن: قسم مقابل للأول، فلا بدّ أن يكون مُبايناً له في صفاته وشروطه، أو معنى (في)؛ أيُّ (في)؟ الظرفية، انوِ معنى في، يعني: أن تُقدّر لفظ (في) أو معناها؟ معناها لا شك، وانو معنى (في)؛ متى؟ إذا كان المضاف إليه ظرفاً للمضاف شرط واحد، إذا كان المضاف إليه ظرفاً للمضاف سواءٌ كان ظرفاً زمانياً أو مكانياً، حينئذٍ نقول: التقديرُ هنا على معنى (في)، وهذا كما ذكرنا قلّة ممن زاده، وذكر ابن هشام في التوضيح أنّ قلة من النحاة ممن ذكروا هذا الحرف وأكثر النحاة على هجره، نحو ((مَكْرُ اللَّيْلِ)) [سبأ:33]، الليل مُضاف إليه وهو ظرف زماني: مكر في الليل، فالليل ظرف للمكر، أي: في الليل، وسواءٌ كان الظرف زمانياً أو مكانياً حقيقاً أو مجازياً فالحكمُ واحد، ((يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ)) [يوسف:39]، صاحبي في السجن، مكانية أو زمانية؟ مكانية، ((تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)) [البقرة:226]، تربصٌ في أربعة أشهر، ((أَلَدُّ الْخِصَامِ)) [البقرة:204]، ألدُّ في الخصام، يعني: يجادِلُ، "قتيل المعركة" قتيل في المعركة، إذن ظرف مكان.
والأكثرُ في هذه أن يكون المضاف مصدراً، لو لاحظت: ((تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ)) ((مَكْرُ)) ((أَلَدُّ)) "قتيل"، الأكثرُ فيها أنها مصدرُ، وقليل ما تخرجُ عن المصدرية، قد تأتي غير مصدر، مثل: ((يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ)) [يوسف:39]، لكن الأكثر فيها أن المضاف يكون مصدراً.