إذن: مجرّد ملاحظة اللام .. معنى اللام هو المقصود هنا، فإذا ظهرَ تغيّرَ الأمر فلا مُضاف ولا مضاف إليه، "غلامٌ لزيد"، ليس عندنا مضاف ولا مضاف إليه، أما "غلامُ زيد" هذا مضاف ومضاف إليه، غلام زيد معرفة، غلام لزيد هذا نكرة وليس عندنا مضاف ولا مضاف إليه، ولا تعريف ولا تخصيص، إذن: شتّان ما بينَ التركيبين، فلا يُقال بأنّ أصله .. إلا على جهة التعليل أو جهة بيان التأصيل فقط، وأما مِن جهة التقرير للمسائل النهائية فلا يُقال "غلام زيدٍ" مساوٍ لـ"غلامٌ لزيدٍ"؛ لأن غلام زيد معرفة، و"غلام لزيد" نكرة، "غلام زيد" فيه مضاف ومضاف إليه، "غلام لزيد" لا مضاف ولا مضاف إليه، "غلام زيدٍ" فيه اكتساب التعريف من المضاف إليه، وغلام لزيدٍ ليس فيه اكتساب التعريف مما بعده، حينئذٍ نقول: هذا لا يساوي ذاك.

واختِيرت هذه الأحرف الثلاثة أو الاثنين عندَ الجمهور؛ لأنها أقدرُ على تحقيق الغرض المعنوي، يعني: بالاستقراء أن أنسبَ ما يكونُ مُقدّراً هو اللام، ولذلك بالأكثر، أكثرُ ما يكون في المضاف والمضاف إليه هو معنى اللام الملكيّة أو الاختصاصيّة، فتكون الإضافة على معنى اللام بأكثرية؛ لأنّ ذلك هو الأصل، وليسَ لها ضابط، لم يَضبطوها لكثرتها، ثم على معنى (مِن) بكثرة، وعلى معنى (في) بقلّة، ولكلٍّ منهما ضابط يأتي بيانه في الشرح.

إذن: وَانْوِ معنى (مِنْ)، (من) البيانية التي لبيان الجنس، ليست مطلق (من)، وإنما هي التي لبيان الجنس، فانو معنى من، متى؟ إذا كان المضاف بعضاً من المضاف إليه، هذا شرطٌ أول، إذا كان المضاف بعضاً من المضاف إليه، مع صحة إطلاق اسمِه عليه، يعني: أن يُخبَرَ بالمضاف إليه عنه، بهذين القيدين تقول: مِن، تقول: الإضافة على معنى (من) البيانية، مثل إذا قلت: "خاتمُ حديدٍ" أيهما بعضٌ من الآخر؟ الخاتم بعض الحديد، هل يصح أن تقول: "هذا خاتمٌ حديدٌ" أو "هذا الخاتمُ حديدٌ"؟ صحّ.

إذن: إذا صحَّ الشرطان أو وجد الشرطان حكمنا على الإضافة بكونها على معنى (مِن) البيانية، ولذلك تقول: هذا خاتمٌ من حديدٍ أو من فضةٍ، ثم يكون المضاف بمعنى بعض من المضاف إليه، ثم يصحُّ الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف، فتقول: هذا الخاتم فضة أو حديد، إذن: إذا كان المضاف بعضاً من المضاف إليه؛ جزء منه يعني، بعضهم عبّرَ بالجزئية، بعضاً من المضاف إليه، معَ صحةِ إطلاق اسمه عليه: كـ"ثوبُ خزٍ" و"خاتمُ فضةٍ" تقول: خاتمٌ من فضة، بعضُ الفضةِ خاتمُ، لا إشكال فيه، كذلك تقول: هذا الخاتم فضةٌ تخبر به عنه .. صار خبراً، والتقدير: ثوبٌ من خزٍ وخاتمٌ من حديد، والثوبُ بعضُ الخزّ والخاتم بعضُ الفضةِ.

وأنه يُقال: هذا الثوبُ خزٌّ، وهذا الخاتمُ فضةٌ، فإن انتفى الشرطان؛ فُقِد الشرطان، يعني ليس بعضاً ولا يصح الإخبار به عنه، حينئذٍ نقول: هذا ليسَ على معنى (مِن)، ثوب زيدٍ؛ هل الثوب بعض زيد؟ لا، هل يصحّ الإخبار به عنه، هذا الثوب زيدٌ؟ لا يصح.

إذن: انتفى أو فُقِد الشرطان، "حصير المسجد"، الحصيرُ بعض المسجد؟ لا، الحصيرُ المسجدُ؟ لا.

إذن: فُقِد الشرطان، لا يصحُّ الإخبار عنه ولا يكون بعضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015