وَزِيدَ: أي: اللامُ .. هنا جاءَ بلفظ مذكر، يعني: الحرف، زِيدَ للتوكيد، هو ليسَ معنى، الزيادة ليست معنى، الزيادة حاصِلة بإدخال الحرف، وإنما المعنى يكونُ بعد الزيادة، والمراد به التوكيد.
وَالظَّرْفِيَّةَ اسْتَبِنْ بِبَا: يعني: استبن الظرفية بباء وفي، يعني: بهذين اللفظين، وَقَدْ يُبَيِّنَانِ السَّبَبَا: يعني: في والباء قد يأتيان للسبب.
قال: تُكسَر لامُ الجرّ مع الظاهر، واللامُ للملك، إلا المستغاث كما سيأتي، وفتحها مع الضمير إلا الياء: لَه ولَك بالفتح، أما مع الظاهر فتُكسَر، لِزيدٍ مالٌ، لِزيدٍ بكسر اللام هذا الأصل، ومع الضمير تفتح: لَه ولَك ولَنا إلا مع الياء فتُكسَر، تقول: لِي: ((هَبْ لِي)) [آل عمران:38] بكسر اللام، وفتَحَها بعض العرب مع الظاهر مطلقاً، لَزيدٍ مع الظاهر، لكنها ليست بلغة مشهورة، وكَسَرها خُزاعة مع الضمير، لِك، لِنا، حينئذٍ نقول: هي مكسورة.
وكَسرُ الباء مطلقاً هو المشهور، قال أبو حيان: وحكى أبو الفتح عن بعضِهم فتحَها مع الظاهر. إذن: هناك لُغة، لكن المشهور هو ما ذكرناه.
بِالْبَا اسْتَعِنْ وَعَدَّ عَوََّضْ أَلْصِقِ ... وَمِثْلَ مَعْ وَمِنْ وَعَنْ بِهَا انْطِقِ
هذه معاني سَبعة للباء، وذكرَ ثلاثاً سابقة فهي عشرة كاملة.
تقدّمَ أن الباء تكونُ للظرفية والسببية والبدل، الباء سبقَ أنها للظرفية (اسْتَبِنْ بِبا)، وكذلك للسببية وللظرفية في البيت السابق: (والبدل) كذلك جاءت، وذكرَ في هذا البيت سبعةَ معاني، مع زيادة الباء في خبر ليس: (وَبَعْدَ مَا وَلَيْسَ جَرَّ البَا الْخَبَرْ)، هناك (زِيدَ) دلَّ على أنها تُزاد، ولم يذكر الزيادة هنا، لكن قد يُؤخَذ من الموضع السابق: (وَبَعْدَ مَا وَلَيْسَ جَرَّ البَا الْخَبَرْ)، يعني: زائدة للتوكيد، إذن: هي أحدَ عشرَ معنىً.
بِالْبَا اسْتَعِنْ: يعني: استعِن بالباء .. تأتي للاستعانة، نحو: كتبتُ بالقلم، هذه تُسمّى باء الآلة، يُسمّيها البعض باء الآلة .. استعانة، وقطعتُ بالسكين، السكين آلة والقلم آلة.
بِالْبَا اسْتَعِنْ وَعَدَّ: يعني: للتعدية، تأتي للتعدية، وتُسمّى باء النقل، وهي المُعاقِبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولاً وأكثر، تُعدّي الفعلَ القاصر نحو: ذهبتُ بزيد بمعنى أذهبتُ، عَدَّ: التعدية المقصودة، ذهبتُ بزيدٍ، ومنه قوله تعالى: ((ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ)) [البقرة:17]، يعني: أذهبَه، فهي في معناها، ولذلك هي تُسمّى باءَ النقل مُعاقبة للهمزة؛ لأن الفعل لازمٌ قد يتعدّى بحرف جرّ، وقد يتعدّى بالهمزة، حينئذٍ يستويان، ذهبتُ بزيدٍ أذهبتُ زيداً، وهل بينهما فرق؟ فيه خلاف، لكن المشهور أنهما بمعنى واحد.