وَالظَّرْفِيَّةَ اسْتَبِنْ بِبَا ... وَفِى وَقَدْ يُبَيَّنَانِ السَّبَبَا: الظَّرْفِيَّةَ هذا مفعول به مُقدّم، يعني: أن الباء وفي يَشتركان في الدلالة على الظرفية والسببية، وَالظَّرْفِيَّةَ: مفعول مُقدّم من قوله: اسْتَبِنْ، استبن يعني: استظهر، يعني: اطلبْ البيان، بالباء للظرفية، بِبَا: هذا متعلق بقوله استبن، وفي: معطوف عليه، وَقَدْ يُبَيَّنَانِ السَّبَبَا: قد: للتقليل أو للتحقيق؛ للتحقيق بالنسبة إلى الباء؛ لأنها تأتي للسببية كثير، وللتقليل بالنسبة إلى (في)؛ لأن (في) تأتي للسببية، لكنه قليل وليس هو الأصل فيها بخلاف الباء، فهي مِن استعمالٍ مُشترَك في معنيين، أو هي للتحقيق مُطلقاً فقط، فلا اعتراضَ بأن بيانَ السبب بالباء كثير لا قليل.

على كلٍّ استُعمِلت في معنييها، وَقَدْ يُبَيَّنَانِ: يعني: الباء وفي. السَّبَبَا: الألف هذه للإطلاق، وأشارَ بقوله: وَالظَّرْفِيَّةَ اسْتَبِنْ .. إلى آخره: إلى معنى الباء وفي، فذكرَ أنهما اشتركا في إفادة الظرفية والسببية، فمثالُ الباء للظرفية ((وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ)) [الصافات:137] وَبِاللَّيْلِ يعني: في الليل، ((وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ)) [آل عمران:123]، يعني: في بَدر، ((نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ)) [القمر:34]، في سَحر، إذن: جاءت بمعنى الباء، ومثالها للسببية: ((فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ)) [العنكبوت:40]، يعني: بسببِ ذنبه، ((فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا)) [النساء:160] كل هذه للسببية، ومثال (في) للظرفية قولك: زيدٌ في المسجد، وهو الكثير فيها، ثم قد تكون حقيقية، تكون مجازية، وحقيقية بأن يكون للظرف احتواء وللمظروف تحيُّز، كما تقول: زيدٌ في المسجد، زيدٌ له تحيز والمسجد له احتواء، لابد من هذا حتى تكون حقيقية، فإن انتفيا أو انتفى أحدُهما فهي مجازيّة، فإن فُقِدا نحو: في علمه نفع، نفع: مبتدأ وعلمه: خبر، علم ونفع كلاهما معنويان ليسَ فيهما تحيُّز، أو الاحتواء: زيدٌ في سعة من الأمر، زيد جثة، سعة هذا مظروف، حينئذٍ ليسَ فيه تحيُّز، أو التحيز، نحو: في صدرِ زيدٍ علمٌ، علمٌ هذا معنى، الصدرُ فيه تحيُّز، فمجاز، ومنه الزمانية نحو: زيدٌ في يوم كذا.

على كل الظرفية قد تكون حقيقية وقد تكون مجازية.

ومثالها للسببية، وهذه تسمى التعليلية (في) تأتي للتعليل، قوله صلى الله عليه وسلم: ومثالها للسببية قوله صلى الله عليه وسلم: {دخلت امرأة النار في هِرّة} يعني: بسبب هرة، ففي هنا سببية: ((لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ)) [الأنفال:68] سببية، يعني: بسبب ما أخذتم به.

إذن: وَالّلامُ لِلْمِلْكِ، قلنا: الّلامُ: مُبتدأ، ولِلْمِلْكِ: خبر، وَشِبْهِهِ معطوف عليه، وَفِي تَعْدِيَةٍ مُتعلّق بقوله: قُفِي، وهو بمعنى تبع، أَيْضاً: منصوبٌ بفعل محذوف، وهو مفعول مطلق، وَتَعْلِيلٍ هذا معطوف على قوله: تَعْدِيَةٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015