وأما المتكلم والخطاب فهو أقلّ، حينئذٍ ليسَ نزراً بل هو نادر، ولذلك لم يذكره هنا، فجعله في التسهيل أقل من دخوله على ضمير الغيبة المتصل.

قال المرادي: فيه نظر؛ يعني كونها أقل فيه نظر، بل إن لم يكن أكثر فهو مساوٍ, يعني دخول الكاف على ضمير المتكم والخطاب أكثرُ من دخوله على ضمير الغيبة على عكس ما ذهب إليه ابن مالك رحمه الله تعالى, ونظرَ فيه الصبان بأن المراد بالأقلية هنا من حيث القياس، يعني ابن مالك قال أقلّ، يعني مراده به القياس، وكأنه يشير إلى أنه يُقاس عليه، وحينئذٍ لا يرد عليه نظر المرادي، وأن وجه أقليته أنه شاذ من جهتين:

أولاً: كون مدخول الكاف ضميراً هذا شاذ, لأن الكاف لا تدخلُ إلا على الاسم الظاهر؛ فكونها دخلت على الضمير هذا شاذ, وكون ذلك الضمير ضميرَ رفع أو نصب هذا شذوذ وراء شذوذ؛ بخلاف ما مرَّ فإنه شاذّ من جهة واحدة, يعني كونه دخل على الضمير. على كلٍّ هذه كلّها شاذة.

الاحتمال الثالث: نَحْوُهُ أَتَى, أن يكون إشارة إلى بقية ما يختصُّ بالظاهر أي أن بقية ما يختصُّ بالظاهر دخوله على الضمير قليل, حتاكَ ونحو ذلك, وهذا كلّه محتمل والظاهر أنه يعود إلى كـ (ها) .. يعني الضمير الأخير ونحوه.

وَنَحْوُهُ أَتَى: وَنَحْوُهُ أي نحو الهاء المتصل بالكاف أتى؛ يعني سُمع في لسان العرب, وكل هذي تُحفظ ولا يُقاس عليها .. دخول رب على الضمير أو الكاف على الضمير أو حتى أو نحو ذلك, كلها تُحفظ ولا يُقاس عليها ولا يكون مطرداً.

بقيَ أن رُبّ قلنا يكون مدخولها نكرة، ثم النكرة هذه بعضهم خصَّها بالمبتدأ والمفعول به؛ يعني تدخل على المبتدأ وتدخل على المفعول به؛ كيف تدخل على المفعول به وهي صدر الكلام؟

إذا قلت: (رب رجل كريم لقيته) , لقيته: فعل وفاعل ومفعول به, والجملة خبر, رب رجل كريم، إذن رجل: نقول هذا مبتدأ، وسوّغ الابتداء به الوصف، رب رجل كريم لقيته الجملة خبر, حينئذٍ رب حرف جرّ شبيه بالزائد, رجل مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه ضمّة مقدرة على آخره لاشتغاله بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد, كريم نعت, وجملة لقيتُ خبر, ربّ رجل كريم لقيتُ, لقيت بدون هاء، حينئذٍ صار رجل مفعولاً به، لأنه سُلّط عليه العامل، لو أسقطت الضمير حينئذٍ تسلط على العامل السابق.

إذن: رجل هذا مفعول به منصوب, والقول فيه كالقول السابق, والتحقيق مِن كلام النحاة أن الأكثر في رُبّ أنها تدلُّ على الكثرة وتُستعمل للقلة، لكنه دون الأول وهي حرف جر شبيه بالزائد، ومدخولها إما مبتدأ أو مفعولاً به, إما هذا أو ذاك, (رُبّ رجل لقيت) هذا مفعول به، (رب رجل كريم) هذا مبتدأ، وقد يكون مدخولها مشغولاً عنه, (رب رجل كريم) يحتمل وجه آخر, لقيتُ رجلاً لكن هذا يجعلنا نُقدّر العامل متى؟ أين نُقدّره؟ إذا قيل بأنه من باب الاشتغال (رب رجل لقيته)، لقيت رجلاً لقيتُه .. أين نُقدّر العامل؟ لا تقل (لقيت رب رجل)، ولا (رب لقيت رجل)، لماذا؟ لأن رب لا يتقدّم عليها العامل لأن لها الصدر؛ فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها, كذلك لا يُقال (رب لقيت رجلاً) لأن رب من خواص الأسماء فلا تدخل على الأفعال.

قال الناظم رحمه الله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015