الرابع: ما كان فرعاً للتمييز: خاتمٌ حديداً, هذا خاتمٌ حديداً, حديداً هذا تمييز لحديد, فإن الخاتمَ فرعُ الحديد, ومثله بابٌ ساجاً, وجُبّةٌ خزّاً، فهذا تمييز عند المبرد, وجرى عليه ابنُ هشام في سائر كتبه, وعند سيبويه لا يُعتبر تمييزاً وإنما هو حال، هذا خاتمٌ حديداً، حديداً: عند سيبويه حال وليسَ بتمييز؛ لأن التمييز عندَه محصور في بابين المقدار وشبهه فحسب وما عداه فلا, حينئذٍ ما جاء منصوباً وهو مُشبِه للتمييز أعربه حالاً, وقيل: إنه حال, لا يجوزُ جعله تمييزاً، لأن الاسم الذي ينتصب تمييزاً إنما يقع بعد المقدار أو ما يشبه المقدار, وهذا ليسَ واحداً منهما, حينئذٍ تعيّنَ أن يكون حالاً لا تمييزاً، لأن ثَم تناسب بين الحال والتمييز, وهذا مذهب سيبويه وتبعه كثير, والصواب أنه يُعرب تمييزاً لماذا؟ لأنه فارق الحال من ثلاثة جهات:

أولاً: كون صاحبها نكرة, هذا خاتمٌ, خاتمٌ نكرة، وصاحب الحال يكون معرفة, هذا خاتم حديداً, جامد لا مُشتقّ.

ثالثاً: حديد صفة لازمة أو منتقلة؟ لازِمة إذن: خالفَ الحال من ثلاثة جهات, فالأولى أن يُعرَب تمييزاً خلافاً لما اختاره سيبويه، هذا ما يُسمّى بمفسرٍ لمفرد, وهو ما دلَّ على مقدار وأُلحق به سائر الأنواع الثلاث.

والثاني: الجملة فتمييز الجملة رفعَ إبهام ما تضمّنته من نسبةِ عامل فعلاً كان أو ما جرى مجراه من مصدر أو وصف أو اسم فعل إلى معموله من فاعل أو مفعول، يعني النسبة إسناد الفعل وما جرى مجراه إلى معموله؛ سواء كان فاعلاً أو مفعولاً بينهما ارتباط، قد يقع إبهام فيه، حينئذٍ نقول إذا وقعَ الإبهام في النسبة بين الفعل وما جرى مجراه ومعموله كالفاعل والمفعول به احتجنا إلى لفظٍ يكشف هذا الإبهام، ولذلك يُمثّلون له بماذا؟ طابَ زيد نفساً, قالوا هذا محوّل عن فاعل, طابت نفسُ زيد, طابت نفس زيد، (نفس) هذا فاعل, حُذف الفاعل الذي هو المضاف فارتفعَ المضافُ إليه ارتفاعه فقيل: طابَ زيد, حذفتَ المضاف وأُقيمَ المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه، وسيأتينا في باب الإضافة, حينئذٍ قال: طاب زيد, طاب زيد ماذا؟ هذا يحتمل صارَ مبهماً, حينئذٍ رجعنا إلى المضاف الذي حذفناه, فجِئنا به منصوباً على التمييز ليكشفَ لنا الإبهام الذي وقعَ بحذفه لأنه لما حُذِف وقعنا في إشكال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015