اِسمٌ بِمَعْنَى مِنْ مُبِينٌ: مُبِينٌ هذا نعت لاسم أي: مُزيل، أبان بمعنى أظهرَ, وإذا أظهرَ معناه أزال, فهو مُزيل لابهام اسم قبله مجمل الحقيقة أو إبهام نسبة في جملة أو شبهها؛ لأن التمييز نوعان: تمييز رفعُ إبهامٍ لمفرد, ورفعُ إبهامٍ لنسبة, والنسبة إنما تكون في الجمل الفعلية والإسمية.

إذن: مُزيلٌ لإبهام اسم قبله مُجمل الحقيقة كعشرون, عندي عشرون, هذا مُجمَل الحقيقة, أو إبهام نسبة في جملة أو شبهها، طاب زيد ... ماذا طاب؟ طاب نفساً، فـ (نفساً) هذا نقول تمييز رافع لإبهام نسبة، أي: نسبة الجملة التي قبلها, واستُفيدَ منه أن التمييز لا يكون مُؤكِّداً, إذا أُخِذ التبيين في حد التمييز فرأي سيبويه أن التمييز لا يكون مؤكِّداً, وأكثر النحاةِ على هذا, وخالفهم ابن هشام وغيره وأثبتوا أن التمييز قد يكون مؤكِّداً، شأنه شأن الحال, كما أن الحال تكون مؤكِّدة, والحال المؤكِّدة إذا أُثبتت لا تنافي المؤسسة, كذلك التمييز الأصل فيه البيان ورفع الإبهام للنسبة أو للمفرد، حينئذٍ قد يكون مؤكِّداً وقد يكون على حقيقته، لكن إذا أخذناه مُبين هنا في أصل الحدّ حينئذٍ أخرجنا به التأكيد فلا يكون مؤكِّداً.

وكما ذكرنا في السابق: وَصْفٌ فَضْلَةٌ مُنْتَصِبُ مُفْهِمُ فِي حَالِ, هذا لا يدخُلُ فيه الحال المؤكدة, هذا التعريف خاصّ بالحال المؤسسة, فلا مانع أن يُقال التمييز حقيقة أن يُؤخَذ في حده مُبيّن, وإذا أردنا التأكيد حينئذٍ لا نحتاجُ إلى هذا اللفظ, فنقول: التمييز نوعان: تمييزٌ حقيقي وتمييزٌ مُؤكِّد, كما أن الشأن في الحال: حال حقيقية وهي المؤسسة, وحال ليست حقيقية وإنما هي مؤكِّدة لما قبلها, هنا كذلك.

واستُفيدَ منه أن التمييز لا يكون مؤكِّداً وهو رأي سيبويه والجمهور .. جمهور النحاة على هذا, وقيلَ يأتي غيرَ مبين, يعني: مؤكِّد, غير مبين يعني مؤكد, فيُعدُّ مؤكداً, ومنه قوله تعالى: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا)) [التوبة:36] لو حُذِف شَهْرًا, اثْنَا عَشَرَ هل يحتاج إلى مُفسِّر؟ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ, اثْنَا عَشَرَ خبر إِنَّ, هل اثْنَا عَشَرَ دون شَهْرًا واضح المعنى أم مُجمَل؟ واضح المعنى, والتمييزُ إنما يأتي رافعا لإبهام، أين الإبهام؟ ليس عندنا إبهام.

إذن: شَهْرًا قالوا هذا تمييز مؤكد, لم يُؤتَ به من أجل رفع إبهام العدد؛ لأن العدد معلوم هنا دونه, وإذا كان كذلك حينئذٍ صارَ مؤكداً.

أُجيبَ: بأن شَهْرًا بالنسبة لعامله وهو اثْنَا عَشَرَ مُبيّن يعني: لا تنظر إلى ِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ، إنما انظر إلى اثْنَا عَشَرَ فقط, اثْنَا عَشَرَ لوحده دون الجملة مُبهم أو مبين؟ مُبهم, إذن: قالوا: باعتبار العامل؛ لأن شهراً ما العامل فيه؟ هو العددُ نفسه اثْنَا عَشَرَ, باعتبار عامله هو رافع لإبهام, إذن ليسَ فيه تأكيد, على كلٍّ المسألة مُحتملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015