اِسمٌ بِمَعْنَى مِنْ مُبِينٌ نَكِرَهْ، نَكِرَهْ: هذا نعت ثالث لاسم, نكرة أخرجَ المعرفة، وهذا على مذهب البصريين أن التمييز لا يكون إلا نكرة, والعلةُ فيه هي عين العلة في الحال, أنه إذا حصلَ رفعُ الإبهام بالنكرة حينئذٍ مجيئُهُ بزيادة فيه تدلُّ على التعريف يُعتبر حشواً, فحينئذٍ لا يُلتفتُ إلى تلك الزيادة.
مذهب الكوفيين جوازُ كونه نكرة ومعرفة .. يجوز هذا وذاك.
رَأَيْتُكَ لَمَّا أَنْ عَرَفْتَ وُجُوهَنَا ... صَدَدْتَ وَطِبْتَ النَّفْس يَا قَيْسُ عَنْ عَمْرِو
رأى الكوفيون أن النفس هنا تمييز, طِبْتَ النَّفْس يَا قَيْسُ, طِبْتَ النَّفْس, دخلت عليه (أل) والأصل فيها التعريف.
إذن: يقعُ التمييز معرفة كما يقع نكرة, وإن كان الأصل أن يكونَ مُنكَّراً, هذا هو الأصل، لكن مجيئه معرفة وقد جاء به السماع حينئذٍ نقول: يجوز فيه الوجهان.
وذهب البصريون إلى تأويل البيت، وما جرى مجراه بأن (أل) هنا زائدة.
وَلاِضْطِرَارٍ كَبَنَاتِ الأَوْبَرِ ... كَذَاَ وَطِبْتَ الَّنفْسَ يَا قَيْسُ السَّرِي
إذن: حكمنا على (أل) بكونها زائدة, وإذا كانت زائدة حينئذٍ دخولها وخروجها سواء فلا تُفيدُ تعريفاً, فبقيَ التمييز على أصله, فكلُّ لفظٍ نُقِل في لسان العرب وهو تمييز دخلت عليه (أل) فاحكم عليها بأنها زائدة؛ لأنها دخلت على ما وجبَ فيه التنكير يعني: على واجب التنكير .. لازم التنكير.
وأما على مذهب الكوفيين فيجوز الوجهان, والصحيح مذهب البصريين؛ لأن العلة الموجودة في الحال هي عينها موجودة في التمييز, وإذا حصلَ الجواب بالنكرة حينئذٍ لا يصلحُ أن يأتي بالمعرفة؛ لأن المعرفة نكرة وزيادة, رجل: الرجل, نفس: النفس, نقول نفس هذا نكرة, النفس نكرة وزيادة.
إذن: إذا حصلَ المراد والمقصود بالنكرة لماذا نأتي بلفظ زائد على مجرد النكرة؟ نقول: هذا فيه حشو وهو مُنافٍ لأصل الكلام, إذن: نَكِرَهْ هذا نعت ثالث.
إذن: اِسمٌ بِمَعْنَى مِنْ مُبِينٌ نَكِرَهْ، عرَّفه ابنُ هشام في القطر بقوله: اسمٌ فضلة نكرة جامد مفسِّر لما انبهمَ من الذوات, اسم: عرفنا الاحتراز به, فضلة: إذن لا يكون عمدة, وهذا وارِد على تعريف الناظم, جامد: هذا من الفوارق بين الحال والتمييز, إذ يُشترَط في الحال أن تكون وصفاً, ويُشترَط في التمييز أن يكون جامداً؛ يعني: غير مشتق, مُفسِّر لما انبهمَ من الذوات, وهذا يَرِد عليه المفسّر للنسبة.
فقولُ الناظم: اِسمٌ بِمَعْنَى مِنْ مُبِينٌ نَكِرَهْ ينقصُهُ قوله فضلة, فلو زيدَ عليه جامد كذلك يكون أولى.
وابن عقيل عرَّفه بقوله: كل اسم نكرة مُتضمِّن معنى (من) .. مٌتضمِّن معنى (من) هذا فيه إشكال, وإنما يُقال على معنى (من) أو بمعنى (من)، وأما التضمين هذا محلّ نظر, لبيان ما قبله من إجمال نحو: طاب زيد نفساً, وعندي شبر أرضاً.