انْوِ مُبْتَدَا لَهُ الْمُضَارِعَ اجْعَلَنَّ مُسْنَدَا اجعلن المضارعَ له مسنداً يعني خبراً, حينئذٍ وأنا أصكُّ نقول: أصكَّ هذه جملة في محل رفع خبر المبتدأ, أين المبتدأ؟ قدَّرناه، (أنا) لماذا؟ لنجعلَ هذا الظاهر الممنوع في لسان العرب مُوافِقاً للسان العرب, لأنه في الظاهر أنه ممنوع لأنه دخلت الواو على فعل مضارع مُثبت وواو الحال لا تدخُلُ على فعل مضارع مُثبَت, حينئذٍ لا بدّ من التأويل, ما هو التأويل؟ نقولُ هنا نُقدِّر مبتدأ محذوفاً هذا المضارع الذي تلى الواو نجعله مُسنداً يعني خبراً للمبتدأ المحذوف, تقول: قمتُ وأصكُّ عينه يعني وأنا أصكُّ عينه, إذن لا إشكالَ فيها, صارت الجملة خالصة, ومما جاء به لسان العرب.
وَذَاتُ وَاوٍ هذا مبتدأ.
بَعْدَهَا الضمير يعودُ على الواو.
انْوِ بعدَها, بعدَ هذا منصوب بـ (انو)؛ انوِ بعدها.
مُبْتَدَا هذا مفعول لـ (انْوِ).
الْمُضَارِعَ اجْعَلَنَّ: اجْعَلَنَّ هذا فعل أمر مُؤكَّد بالنون, الْمُضَارِعَ: مفعول أول لـ (اجْعَلَ).
مُسْنَدَا يعني: خبراً له مسنداً، اجعلن المضارع مُسنداً له, له يعني للاسم المحذوف الذي هو المبتدأ.
َذَاتُ بَدْءٍ: ذَاتُ هذا مبتدأ, خبره جملة (انْوِ)، والرابط محذوف أي: انوِ فيها والضمير في بَعْدَهَا عائد على الواو.
وَذَاتُ وَاوٍ بَعْدَهَا انْوِ مُبْتَدَا ... لَهُ الْمُضَارِعَ اجْعَلَنَّ مُسْنَدَا
أي: إذا جاءَ من لسان العرب ما ظاهرُهُ أن جملة الحال المصدَّرة بمضارع مُثبت تلت الواو حُمِل على أن المضارع خبر مبتدأ محذوف، وحينئذٍ تخلَّصنا من المحظور.
الجملة الواقعة حالاً إن صُدِّرت بمضارع مُثبت لم يجز أن تقترنَ بالواو، بل لا تُربط إلا بالضمير, وهذا يكادُ يكون محلَّ وفاق, جاء زيد يضحك, يضحك الجملة حالية, والفعل المضارع مُثبت ولم تقترن بالواو, جاء عمرو تُقاد الجنائبُ بين يديه, تُقادُ: فعل مضارع وقع حالاً حينئذٍ لم تدخل عليه الواو, ولا يجوزُ دخول الواو, فلا تقول: جاء زيد ويضحك, لما ذكرناه من كون يضحكُ هذا مُشبه لاسم الفاعل, فإن جاءَ من لسان العرب ما ظاهرُه .. ؟؟؟ أُوِّل على إضمار مُبتدأ بعد الواو، ويكون المضارع خبراً عن ذلك المبتدأ، وذلك نحو قولهم: قمتُ وأصكُّ عينه, يعني: وأنا أصك عينه.
فَلَمَّا خَشِيتُ أظَافِيرَهُمْ ... نَجَوْتُ وَأَرْهَنُهُمْ مَالِكَا
وأنا أرهنهم مالكاً؛ إذن كم شرطاً ذكر لهذه الجملة التي لا يصحُّ أن تقع بعد الواو؟
أولاً: كونها فعلاً مضارعاً.
ثانياً: كونه مُثبتاً.
بقيَ عليه شرطان: الأول: يمكن أخذُهُ من قوله:
وَذَاتُ بَدْءٍ بِمُضَارِعٍ وهو كونه أن لا يتقدَّمَ عليه معمول من معمولات الفعل المضارع, فإن تقدَّمَ عليه جازَ اقترانه بالواو.
وَذَاتُ بَدْءٍ بِمُضَارِعٍ يمكن نأخذُ منه شرطا ثالثا, فإن بدأتَ بمعمول المضارع جازَ الربط بالواو, ولذلك قيل: ((وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة:5] أعربها البيضاوي حالاً, ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة:5] إياك نعبد ونستعين قيلَ حال, ولما تقدَّم إياك وهو معمول نستعينُ جاز ربطها بالواو .. على قول.