الرابع: أن لا تقترن بـ (قد)، هذه الجملة لا تقترن بـ (قد)، فإن اقترنت بـ (قد) حينئذٍ دخلت عليها الواو, ((لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ)) [الصف:5] وَقَدْ تَعْلَمُونَ, إذن: دخلت الواو هنا على الجملة, دخلت الواو على الجملة لماذا؟ لكون الفعل هنا صُدِّر بـ (قد)، ويمكن أخذُهُ من كلام الناظم أيضاً:
ذَاتُ بَدْءٍ بِمُضَارِعٍ مُطلقاً لا يسبقه أيُّ حرفٍ؛ لا تحقيق ولا نفي، فيعمُّ ذا وذاك.
فقوله: ثَبَتْ لأن المنفي إنما يكون بحرف يدلُّ على النفي؛ إما (لم) و (لما) و (لن) إلى آخره, و (لن) هذا لا يُتصوّر هنا.
وَذَاتُ بَدْءٍ بِمُضَارِعٍ ثَبَتْ إذن يمكن أخذُ الشروطِ الأربعة من كلام الناظم صرَّحَ بالمضارع، وصرَّحَ بكونه مُثبتاً غيرَ منفي, وَذَاتُ بَدْءٍ بِمُضَارِعٍ: مفهومُه إن بدأت بمعمول المضارع دخلت عليه الواو, وهذا واضح بيَّنٌ, كذلك وَذَاتُ بَدْءٍ بِمُضَارِعٍ، فإن بدأت بحرف ولو لم يكن نفياً كـ (قد) حينئذٍ نقولُ الأصل فيها دخول الواو, إذن هذه مسألة من المسائل التي لا تدخل الواو على الجملة الفعلية.
ومنها أن الجملة المضارعية المنفية بـ (لا) كذلك مثلها، يعني يُمنع من اتصال الواو بها؛ فلا تدخل عليها الواو, ((مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ)) [النمل:20] لا أَرَى الْهُدْهُدَ, أرى: فعل مضارع ودخلت عليه (لا)، فهو منفي بـ (لا)، لا يصح دخول الواو عليه, إذن ليس خاصّاً بما ذكره الناظم, بل ثَم سبع مسائل يكاد يكون فيها اتفاق بين النحاة أنه لا تدخل الواو على الجملة.
الثالث: أن يكون المضارع منفياً بـ (ما) .. موجودة في حاشية ابن عقيل:
عَهْدْتُكَ مَا تَصْبُو وَفِيكَ شَبيبةٌ ... فَما لَكَ بَعْدَ الشَّيْبِ صَبًّا مُتَيَّما؟
عَهْدْتُكَ مَا تَصْبُو, (ما) نافية, وتصبو: فعل مضارع, والجملة هنا حال, لا يصحُّ دخول الواو عليه؛ لأن هذا الفعل مُصدّر بنفي وهو (ما).
رابعاً: الجملة المعطوفة على حال قبلها, ((فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ)) [الأعراف:4] هم قائلون الجملة حال, معطوفة على حال سابق, وهي بياتاً, جاءها بأسنا بياتاً, بياتاً حال, أو هم قائلون, هم: مبتدأ, وقائلون خبر, والجملة في محلِّ نصب حال معطوفة على حال, لا يصحُّ دخول الواو على هذه الجملة لما ذكرناه.
خامساً: الجملة المؤكدة لمضمون جملة قبلها .. الذي ذكرناه سابقاً ((ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ)) [البقرة:2] على قولِ لأن لا ريبَ حال مؤكِّدة لمضمون الجملة ((ذَلِكَ الْكِتَابُ)) [البقرة:2] هذا في بعض الأعاريب.
سادساً: الجملة التي تقع بعد (إلا)؛ سواء كانت جملة اسمية أو فعلية, ((يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)) [يس:30] لا يصحّ (إلا وكانوا) , وقد وردَ ذلك شذوذاً في بعض الكلام.
سابعاً: الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ مسبوق بـ (أو) العاطفة, لأضربنه حضر أو غاب, نقول هذه جملة فعلية فعلها ماضي مسبوق بـ (أو) العاطفة: حضر أو غاب, وعبَّرَ عنها ابنُ هشام الماضي المتلو بـ (أو).
إذن: هذه سبعُ مسائل يمتنعُ فيها دخول الواو على الجملة الحالية.
ثم قال رحمه الله: