فَجائِزٌ تَقْدِيْمُهُ: فَجائِزٌ قلنا: خبر، وتَقْدِيْمُهُ مُبتدأ مؤخّر، فَجائِزٌ تَقْدِيْمُهُ الضمير هنا ما قال: تقديمها على الأفصح؛ لأن لفظَ الحال هنا ذكره بدون تاء مذكر في اللفظ، والحالُ قال: فَجائِزٌ تَقْدِيْمُهُ على ذلك الناصب له، وهذا هو الأصلُ في الحال مع عاملِها، جوازُ التقديم والتأخير، هذا هو الأصل، لكن ما لم يعارضه مُعارِض، فَجَائِزٌ تَقْدِيْمُهُ هل يشملُ الحكمُ هنا فيما إذا كانت الحال جملة؟ لو قال: جاءَ زيدٌ والشمسُ طالعة، جاء: فعل متصرف، وزيد: فاعل، والشمس طالعة: مبتدأ وخبر، والواو واو الحال. إذن الحال وقعت جملةً؛ هل الحكم عام أم أنه خاصّ بالمفردات؟ هنا قال: وَالْحَالِ أطلقَ الناظم، حينئذٍ الحال، والحالُ تصدُقُ على المفرد وعلى الجملة:
وَمَوْضِعَ الْحَالِ تَجِيءُ جُمْلَهْ ... كَجَاءَ زَيْدٌ وَهْوَ نَاوٍ رِحْلَهْ
إذن يشمل الجملة، وهذا هو الصحيح؛ أنه يصحُّ تقديم الحال ولو كانت جملة، ولو كانت مُصدّرة بالواو؟ نعم؛ ولو كانت مصدرة بالواو، فتقول: والشمسُ طالعةٌ جاءَ زيدٌ، ولو كانت مصدرة بالواو.
إذن؛ والحالُ مطلقاً سواءً كانت مفردة، أو جملة أو ظرفاً، فجائزٌ تقديمه.
كَمُسْرِعَا ذَا رَاحِلٌ، مُسْرِعَا ذَا رَاحِلٌ، ذا راحل مسرعاً، ذَا: اسم إشارة مبتدأ، ورَاحِلٌ: اسم فاعل وهو خبر، وهو رافع لضمير مُستتر رَاحِلٌ هو يعود على ذَا، مُسْرِعَا: حال من فاعل رَاحِلٌ، وهو الخبر، لما كان رَاحِلٌ صفة أشبهت المصرّفا جازَ تقديمه على العامل. إذن أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا مثاله: كَمُسْرِعَا ذَا رَاحِلٌ، وهذا (رَاحِلٌ) اسم فاعل. إذن مُسْرِعَا حال متقدمة، وهذا جائز التقديم، فيجوزُ لك وجهان: أن تقول: ذا راحل مُسرِعاً على الأصل بتأخير الحال، ويجوزُ لك التقديم، ثم التقديم كما ذكرنا له صورتان: إما التقديم مُطلَقاً على المسند إليه في المثال المذكور، وإما على المسند فحسب دونَ المسند إليه، وهنا الناظمُ ذكَرَ تقديمه على المسند إليه، فمن بابٍ أولى أن يتقدَّمَ على المسند فحسب دون المسند إليه، فدخلَت صورتان تحت المثال الأول، مُسرِعاً ذا راحل، هذه صورة، إذا جازت هذه (ذَا مُسْرِعَاً رَاحِلٌ) من باب أولى، كذلك هذا مثال لاسم فاعل، ومجرّداً زيد مضروب، زيد مضروب مجرداً، زيد: مبتدأ، ومضروب: خبر، والضمير مستتر نائب فاعل، ومجردا: حال جازَ تقديمُه على مضروب، وهو صفة أشبهت المصرّفا، وَهَذَا تَحمِلينَ طَلِيقُ، ذا: هذا مبتدأ، وطليق: خبر، وهو صفة مشبهة، تحملين تقدّمَ عليه، طليق هو اسم فاعل، وتحملين: هذا حال منصوبة مُتقدّمة على عاملها، وجوّزَ تقديمَها كونُه صفة أشبهت المصرفا.
إذن: أمثلة ثلاثية لما شملِه قوله: أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا؛ لأنه يشملُ اسم الفاعل، كمُسرعاً ذا راحل، واسم المفعول كمُجرّداً زيد مضروب، والصفة المشبهة كهذا تحملينَ طليقُ، تحملين في موضع نصب على الحال؛ لأنها الجملة، نعم، فعل وفاعل، وعامله طليق وهي صفة مشبّهة.