إذن بِفِعْلٍ صُرِّفَا نقول: هذا ما لم يمنع من تقديم الحال عليه مانِع، وهو واحد من ثلاثة أمور: إما أن تدخل عليه لامُ الابتداء أو لامُ القسم أو أن يكونَ العامل صِلة لحرف مصدري. لامُ الابتداء مثل ماذا؟ مثل قولك: لأصبرُ محتسِباً، ولأقومن طائعاً، لأصبِر محتسباً، محتسباً: حال من فاعل أصبر، وأصبِرُ فعلٌ مُتصرّف، هل يجوزُ أن تتقدّم الحال عليه؟ نقول: لا يجوزُ. كيف والناظمُ يقول: إِنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا فَجَائِزٌ تَقْدِيْمُهُ؟ نقول: هنا منعَ منه مانع؛ لأن لامَ الابتداء، ومثلها لام القسم لا يعملُ ما بعدَها فيما قبلَها، مرَّ معنا هذا، فإذا قلت حينئذٍ: مُحتسِباً لأصبر، حينئذٍ عمِلَ أصبر في المتقدم وهو ممنوع، وكذلك لامُ القسم. لأصومنّ مُعتكفاً، وقولهم: لأصبرنّ محتسباً هذا مثّلَ به للقسم، ولامُ الابتداء نحو إني لأزورُك مُبتهجِاً، هذا المثال أحسنُ .. لام الابتداء، إني لأزورك مُبتهِجاً، مبتهجاً: حال من فاعل أزور، حينئذٍ نقول: لا يجوزُ أن يتقدّم على لام الابتداء لما ذكرناه. وكذلك لام القسم لأصبرنّ مُحتسِباً، لأقومن طائعاً؛ لأن هذين النوعين لا يعملُ ما بعدَهما فيما قبلهما.

كذلك أن يكون العامل صِلة لحرف مصدري، إن لكَ أن تسافرَ راجلاً، راجلاً: العامل فيه تُسافر؛ وهو مدخول (أن) حرف مصدري، وسبقَ أن حرف المصدر لا يُفصل بينه وبين صلته، كذلك لا يتقدّم عليه البتة، حينئذٍ لا يصحُّ أن يقال: إن لك راجلاً أن تسافر، لا يتقدّم عليه لما ذكرناه.

أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا كذلك أطلقهُ الناظم ولا بد من تقييده بأن لا يكون صلة لـ (أل)، أنتَ المصلي فذّاً، فذاً: حال، والعامل فيه مُصلي وهو اسم فاعل، هل يجوزُ أن تتقدّم الحال فذّاً على العامل وهو صفة أشبهت المصرفا؟ الجواب: لا، لماذا؟ والناظمُ يقول: أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا .. فَجَائِزٌ تَقْدِيْمُه، نقول: هنا لا بدّ من تقييده ما لم يمنع منه مانع، والمانع هنا إذا كان صلة لـ (أل)، لأن (أل) لا يعملُ ما بعدَها فيما قبلَها، فإذا قلنا: فذاً أنت المصلي، أو أنت فذاً المصلي، حينئذٍ الصلة .. صلة (أل) عملت فيما قبلها، وهذا ممنوع كما سبقَ مراراً.

إذن: إنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا ما لم يمنع منه مانع من كونه مدخولاً للام الابتداء أو لام القسم، أو أن يكون العاملُ صِلة لحرف مصدري. أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا ما لم تكن صلة (أل) فإن كان صلة (أل) حينئذٍ تلزمُ التأخير فلا يجوزُ تقديمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015