من: حرف جر، من: مبتدأ مرفوع بالابتداء، ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الحكاية؛ لأنه محكي، ويجوز: مِنٌ، كقولنا: ضربٌ، منٌ بالرفع والتنوين، هذا متى؟ إذا كان من على حرفين، وثانيهما صحيح، وأما إذا كان الثاني حرف علة، فحينئذٍ جاز فيه التضعيف، فيقال: في .. فيٌ، بالتضعيف، لو .. لوٌ بالتضعيف، لماذا؟ لكون ثانيه حرف لين، يعني: حرفاً من حروف العلة، هذه ثلاثة أوجه في ماذا؟ هذان وجهان في الفعل وفي الحرف، وأما إذا كان ثانيه حرف لين جاز لك أن تقول: لوٌ وتقول: لوٌّ بالتضعيف، في .. فيٌّ بالحركة والتنوين، هذان وجهان في إعراب هذا التصريف.
أما زيد ثلاثي، فهو على أصله، زيد: اسم ثلاثي، نقول: هذا على أصله، على: حرف جر، على نقول: مبتدأ مرفوع بالابتداء، ورفعه ضمة مقدرة على آخره، لماذا؟ لأن على هنا كالفتى، والفتى هذا لا تظهر فيه حركة الإعراب.
إذاً: العلامة الخامسة: ومسندٍ، أي: محكومٍ به من اسم أو فعل أو جملة، نحو: أنت قائمٌ، قائمُ: هذا مسند، دل على اسمية: أنت، هكذا؟ قائم، نقول: هذا مسند دل على اسمية: أنت، لماذا؟ لأن المسند في كلام صحيح يستلزم مسنداً إليه، بدلالة الالتزام، كذلك: قمت، أين المسند؟ قام، والتاء: مسند إليه، في الأول قلنا ماذا؟ أنت قائمٌ، المسند إليه تقدم، وقمت: المسند إليه تأخر، قائمٌ المسند اسم، قمت: المسند فعل.
زيد أبوه قائمٌ، زيد هل هو اسم أو فعل أو حرف؟ نقول: هو اسم، بدليل ماذا؟ أبوه قائم، هذه الجملة خبر، وهي مسند ولا يسند إلا إلى الأسماء.
طيب! يرد علينا إشكال، تسمع بالمُعيدي خيرٌ من أن تراه، خير: هذا مسند، أليس كذلك؟ خير: خبر أو لا؟ خبر ماذا بكم؟ تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه، خيرٌ مثل: ((وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)) [البقرة:184] ((وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ)) [النساء:25] إذاً نقول: خير: هذا خبر، هذا خبر مسند، كل مسند يستلزم مسنداً إليه، طيب! تسمع، هذا إشكال فعل أو اسم؟ فعل، كيف نقول: المسند دليل على المسند إليه وهو الاسم؟
على القاعدة الأصل، قلنا: إذا تقرر عندنا صحة علامة حينئذٍ لا يعترض عليها بالفروع والصور والأمثلة، قاعدة في الشريعة كلها، حتى في باب المعتقد: إذا أصل أهل العلم .. أهل السنة والجماعة اتفقوا على أصل نصوا عليه صراحةً حينئذٍ إذا مر بك حديث، مرت بك آية، قد يفهم منها شيء يعارض ذاك الأصل، ما تأتي وتشكك في الأصل، لا، وعندنا القاعدة هنا: رد المتشابه إلى المحكم، وهذا كذلك يقال في الفقه ويقال هنا في النحو.
إذا قعد قاعدة .. قعدت قاعدة، وكانت أدلتها ثابتة من كلام العرب، حينئذٍ إذا وجد مثال أو مثالان أو أربعة أو خمسة، يخالف ظاهرها تلك القاعدة، لزاماً نوؤل هذا المثال، لا نقول: يشكل علينا ونشتغل به لا، مباشرة تقول: هذا أصل متفق عليه عند أهل العلم، سواء كان في النحو أو في غيره، وهذا المثال قد يعارض في الظاهر، إذاً هو الذي يقبل التأويل لا ذاك الأصل.